نبض الحنين و الذكرى

الطفولة هي زمن البراءة، صدق المشاعر و كل شيء جذاب .. هي بستان الأحلام.. هي مهد الذكريات و العلاقات الإنسانية الصافية الخالية من النفاق، المصلحة و الحب الأناني للذات الذي يجعل الحامل له يدوس على الأخضر و اليابس لتحقيق مبتغاه حتى وإن تطلب الأمر وضع الأحاسيس تحت موطىء قدمه ..

 

 

موعدنا اليوم مختلف عن سابقييه، لن أسرد لكم اليوم القصص من السلف لأخذ العبر من أجل الحاضر و المستقبل .. و لن أناقش الأفكار و الأحداث في كنهها كما فعلت أول خطوة..

 

بل هاته المرة، سأرص المعاني و أرتب الحروف و الكلمات لنبض الجنان .. و ركوب بساط الحنين و الذكريات ,بساط الطفولة و الماضي الجميل …

 

في هذا اليوم سأستقبل فيه نفسي و أصدقاء طفولتي .. اللذين درسوا معي .. و سأرحب أيضا بغيض من فيض مما جرى .. فعسانا ضيوفا نحل أهلا بينكم و تطأ أقدامنا سهلا مجالسكم.

 

كما هي عادة القدر .. فرقت سبل الحياة بيننا … أو بالأحرى بين الأغلب منا، لكن لم الشمل من جديد بين البعض الآخر منا إفتراضيا فقط، الأهم أنه شملنا قد جمع … و الود بيننا مايزال قائما يسري في عروقنا مجرى الدم … تلاقينا تصادف و الحجر الصحي .. لكنه لم يخلو من هائل الفرحة .. الكثير من التأثر و فيض من دموع الفرحة من خلف الشاشات …

 

كانو أرواحا باذخة الطهر و العطاء .. كانو بذورا لأشجار ظلالها وارفة، أغصانها الوفاء و الحب ثمارها ..

 

كبرنا إفترقنا و إجتمعنا من جديد لكن أحضانهم مازالت دافئة كما عهدتها ، مزلنا نعشق الطفولة التي جمعتنا… مزلنا نتذكر تلك الأقسام التي تعلمنا فيها الحروف و الكتابة … المدرسين الذين درسو لنا مختلف المواد.

 

الأغلب فينا أنهى مسيرته العلمية و البعض الآخر كون أسرة و بدوره وهب الحياة لجيل جديد، لكن  هيام تقفي أثر الذكرى بقي يعتري دواخلنا، فلم نغفل عن كل فوضى اشتركنا فيها و كل ضربة عصا كان مستقرها أيدنا، كل لمجة تقاسمناها وقت الإستراحة، كل رحلة ركضنا و لبعنا أثناءها … و حفلة كل آخر سنة و ما قدمنا فيها من عروض مسرحية و عروض فنية … كما كل حفلة لتتويج “ سلطان طلبة “ شهدنا … و كل ضحكة غمرت جوانبنا أيام الصبا ..

 

يا أصدقاء الطفولة … لم تبرحوا مخيلتي يوما ولا هنيهة … بحثت عنكم بين كل متاهات الحياة بعد الفراق و لم أذخر جهدا قط لإيجادكم من جديد … آلام و آهات كانت تعتصرني و أنا بعيدة عنكم … أن يلم شملنا بعد وداع هي خيوط الأمل التي كنت أتخطى بها الصعاب … بأصدقاء مثلكم لم أحظى رغم أنني جلت أغلب أصقاع المعمور …

 

صوركم و نحن صغار مازلت منقوشة في الذاكرة .. كنت على إستعداد في أية لحظة أن أدفع عمري كله مقابل أن نجتمع كلنا مرة أخرى … مهما كتبت لن أوفيكم قدركم و لن أتمكن من إخبار الناس عن قدر صفاء الحب الذي ألف بين قلوبنا الصغيرة و كبر معنا … أعشقكم .

 

لأطفالي اللذين لم يولدوا بعد .. أهديهم حبكم السرمدي , صبابة الطفولة الصادقة و الزمن الجميل .

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)