هل استغلت حكومة العثماني كورونا “لإغراق” المغرب في دوامة التمويلات الخارجية؟

مرة أخرى، يعود التمويل الخارجي ليتصدر ساحة النقاش العمومي، في ظل ظروف خاصة يمر بها المغرب، لعل أبرز ما يميزها، الحرب التي يشنها على مرض كوفيدـ19 الذي يسببه فيروس كورونا، وهي الحرب التي وضع العديد من آليات خوضها، من أبرزها إعلان حالة الطوارئ الصحية، وما لحقها من حد للحركة بالنسبة للأفراد ولبعض الأنشطة الاقتصادية، ومصادر الدخل بالنسبة للدولة.

 

النقاش الدائر برز مع إقرار مرسوم بقانون يسمح للحكومة، بتجاوز سقف التمويلات الخارجية والمحدد بموجب قانون المالية للسنة الجارية في 31 مليار درهم.

 

ففي الوقت الذي صوتت كل الفرق الممثلة في البرلمان، عبر ممثليها المنتدبين لاجتماع لجنة المالية الاخير على المرسوم، لجأ عمر بلفريج، النائب عن فدرالية اليسار إلى التصويت بالرفض.

 

 و أسال المرسوم، الكثير من المداد حول الغاية من إقراره، في هذه الظرفية التي تمر بها البلاد، بل ورافقه سؤال آخر حول الجدوى من اللجوء للتمويل الخارجي؟

 

بلفريج يتسائل 

 

بعد التوطئة التي وضعها النائب بلفريج لمداخلته في لجنة المالية، وحديثه عن الوضعية العامة، وما يميزها، والاشادة بالسلطات التي تقف في الصف الأول لمواجهة آثار جائحة كورونا، وبالخصوص الكوادر الطبية وعناصر الأمن، طرح النائب عدد من الأسئلة التي تهم هذا المرسوم على وزير الاقتصاد والمالية.

 

لعل أبرز الاسئلة التي وجهها بلفريج، هي ما إذا كانت هذه التمويلات المتوقعة ستخصص لاقتناء معدات صحية مرتبطة بتدبير المرحلة الحالية، وما إذا كان المغرب لا يتوفر على العملة الصعبة التي تمكنه من القيام بهذه العمليات، وفي حال كان الأمر كذلك، فانه أمر خطير بالنسبة له، وفي نفس الوقت لا يمكنه الا ان يصوت بالإيجاب على هذا المرسوم.

 

ثم أردف نائب فدرالية اليسار، في نفس الإطار متسائلا: أم أن هذه الاعتمادات سيتم تخصيصها لاقتناء الحاجيات الأساسية من قمح و موارد طاقية (البترول)، متسائلا عن الاحتياطي المتوفر أصلا.

 

وابرز النائب بأنه كان يتمنى أن تتخذ الحكومة قرارا بوقف الاستيراد غير الأساسي (كالسيارات)، مشيرا إلى أنه لابد من تقديم المعطيات عملا بمبدأ الشفافية الذي نحتاج إلى إعماله في هذه الظروف اكثر من الايام العادية.

 

وفي نفس الوقت إعتبر هذه الظرفية، مناسبة لإعادة النظر في الاقتصاد الوطني وإقرار فيما سيأتي من الأيام قانون مالية تعديلي يفرض نفسه.

 

بنك المغرب والمالية

 

حمل العدد الأخير للجريدة الرسمية، الذي وزع يوم امس الأربعاء 8 أبريل 2020 المرسوم بقانون رقم 2.20.320 الصادر في 13 من شعبان 1441 (7 أبريل 2020) المتعلق بتجاوز سقف التمويلات الخارجية ليأذن للحكومة بتجاوز سقف الاقتراضات الخارجية المنصوص عليه في المادة 43 من قانون المالية رقم 70.19 للسنة المالية 2020.

 

مباشرة بعد ذلك، خرج بنك المغرب ووزارة المالية، ببلاغ مشترك يلقيان المزيد من الضوء على قضية الاستدانة من الخارج وفق المستجدات التي اقرتها الحكومة.

 

كيث أبرز البلاغ الذي توصل شمس بوست بنسخة منه، أنه في إطار السياسة الاستباقية لبلادنا لمواجهة أزمة جائحة “Covid19″، لجأ المغرب في السابع من شهر أبريل 2020 إلى استخدام خط الوقاية والسيولة (LPL) بسحب مبلغ يعادل ما يقارب 3 مليار دولار، قابلة للسداد على مدى 5 سنوات، مع فترة سماح لمدة 3 سنوات.

ويدخل هذا السحب وفق نفس المصدر في إطار الاتفاق المتعلق بخط الوقاية والسيولة المبرم مع صندوق النقد الدولي سنة 2012 والذي تم تجديده للمرة الثالثة في شهر دجنبر 2018، لمدة سنتين، بقصد استخدامه كتأمين ضد الصدمات الشديدة، مثل تلك التي

إن الحجم غير المسبوق لجائحة Covid19 ينذر وفق نفس المصدر “بركود اقتصادي عالمي أعمق بكثير من ركود سنة 2009، مما سيأثر سلبا على اقتصادنا الوطني ولا سيما على مستوى القطاعات والأنشطة الموجهة للخارج، لاسيما صادرات المهن الجديدة للمغرب وعائدات السياحة وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج والاستثمار في هذا السياق، سيساعد السحب من خط الوقاية والسيولة في التخفيف من تأثيرات هذه الأزمة على اقتصادنا ومن الحفاظ على احتياطياتنا من العملات الأجنبية في مستويات مريحة تمكن من تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب وشركائنا الثنائيين والمتعدد الأطراف في اقتصادنا الوطني”.

المغزى من رفع السقف

يتضح وفق المعطيات المقدمة من جانب الحكومة، أن رفع سقف التمويلات الخارجية، الغرض منه مواجهة تداعيات الوضع الحالي، وبالخصوص تأثيراتها على مصادر إحتياطي العملة الصعبة، التي يحتاجها المغرب كما هو الشأن لدول العالم للاقتناء من الخارج، وبالخصوص، تحويلات المهاجرين المغاربة المقيمين بالخارج الذين تأثروا بالإجراءات المفروضة من قبل دول الاستقبال، وقطاع السياحة الذي توقف بشكل تام، وأيضا تأثر الاستثمار الخارجي، وغيرها من المصادر الاساسية.

 

في مقال له يشرح فيه الغرض من لجوء الحكومة للمرسوم المذكور، وعدم اللجوء الى الداخل لضمان التمويل، كشف إدريس الأزمي الادريسي، وهو نائب برلماني عن حزب العدالة والتنمية، سبق له ترأس لجنة المالية، أن هذا المرسوم بقانون جاء ليسمح للحكومة برفع سقف التمويلات الخارجية بصفة استعجالية واستثنائية ليتيح لها المجال للجوء إلى المؤسسات والأسواق المالية الدولية للحصول على التمويلات الخارجية، وبالتالي توفير العملة الصعبة اللازمة لاقتناء السلع والخدمات ولاسيما المواد الأساسية والمعدات والتجهيزات الطبية والأدوية والمواد الغذائية والطاقية وغيرها.

 

أما عن سبب اختيار هذا التوقيت بالضبط، يترسل الأزمي، في التوضيح بالقول “من المعلوم أن عملية اقتناء أي نوع من السلع من السوق يقتضي وبالإضافة الى تحديد الطلب والاطلاع على العرض الموجود تحين الفرصة الملائمة واختيار التوقيت المناسب. كما أن اللجوء الى التمويلات الخارجية هي أيضا مسألة ثقة، ثقة في المقترِض من طرف المؤسسات والأسواق المالية الدولية، وثقة من المقترض في ظروف وشروط هذه الأسواق وهذه المؤسسات وعروضهما”.

 

وأضاف، الوقت مناسب بالنسبة لبلدنا باعتبار أنه وبتاريخ 3 أبريل 2020، حافظت وكالة التنقيط العالمية ستاندرد آند بورز (S & P) على مستوى تنقيط المغرب وأكدت تصنيفه ضمن “درجة الاستثمار وبأفق مستقر” وذلك باعتبار الحجم المعتدل للدين والمستوى المتحكم فيه للعجزين الداخلي والخارجي وللاستقرار السياسي والاجتماعي.

 

في نفس الإطار، يؤكد زميله في الحزب عضو الأمانة العامة، عبد العزيز أفتاتي البرلماني السابق عن دائرة وجدة، وهو يرد على عمر بلفريج أن السياسة تمارس بعلم، بالارقام، قبل أن يؤكد ليبين وجاهة القرار المتخذ، بأن أبسط اطلالة على وضعية المالية العمومية ستبين بأن هناك صعوبات حقيقية في المغرب، ذلك أن الوضعية الحالية حدت من موارد الدولة ومواد الجماعات المحلية، هذه الاخيرة التي تتحصل على جزء كبير من مواردها مما تحصله الدولة ايضا.

 

وأبرز في تصريح لشمس بوست بأن هناك مشكل على مستوى الرصيد العادي، وحاجيات التمويل، وأن الإجراء المتخذ هو مسألة وقت لا غير، ناهيك على الحفاظ على احتياطي العملة الصعبة من أجل الحفاظ على ميزان الأداءات.

 

واعتبر الإجراء لا مفر منه، بالنظر إلى بلد مثل المغرب يتحصل على موارده من الجبايات، مشيرا في هذا السياق إلى ضرورة تتبع الأرقام التي يتم نشرها بشكل مستمر حول التحصيل وبالخصوص خلال الشهر الماضي والشهر الجاري.

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)