زعفران الأطلس الصغير..ذهب مغربي معلق بين الجبال

 

الطريق إلى قرية تنمليلت، بجماعة اكنيون التابعة لاقليم تنغير جنوب شرق المغرب، لا تكون سالكة دائما، إذ يعاني القرويون كثيرا مع الطريق غير المعبدة، خاصة في فصل الشتاء عند هطول الأمطار وتساقط الثلوج.

لكن خلف جبال ومسالك اكنيون الوعرة، ما يخفف من معاناة العيش في هذه البيئة القاسية، فمنذ 4 أو 5 سنوات إهتدى المزارعون في هذه المنطقة، إلى زراعة جديدة يعولون عليها كثيرا لتغيير واقعهم المعيشي، بالنظر إلى قيمتها المادية المرتفعة.

أحمد جوهر واحد من المزارعين الذين اختاروا حديثا زراعة الزعفران في سفوح جبال تنمليلت، ويؤكد بأن مدخولهم السنوي من زراعتهم الجديدة بالأحرى يكفيهم على إعانتهم على متاعب الحياة اليومية، لكن يطمحون لكسب المزيد في المستقبل.

زراعة مختلفة

تحتاج زراعة الزعفران إلى طقس مختلف عن باقي الزراعات، إذ تعتبر المناطق التي تعرف تساقطات ثلجية كهذه المنطقة مجالا خصبا لانتاج الزعفران.

معظم الإنتاج المغربي والذي يسير في اتجاه الارتفاع، حيث بلغ السنة الماضية حوالي 7.5 طن يتم انتاجه بمناطق الجنوب الشرقي وبالتحديد بمنطقة تالوين وتازناخت، التابعتين لمحافظتي تارودانت وورزازات.

أحمد وباقي المزارعين بمنطقة إكنيون أخذوا على عاتقهم قبل عدة سنوات، توسيع مجال زراعة الزعفران في مناطق الأطلس الصغير، حيث بدأت هذه الزراعة تنتشر بشكل ملفت.

استقدم المزارعون في هذه المنطقة شتائل الزعفران من منطقة تالوين، ووفروا لها الفضاء الزراعي المناسب، حيث استصلحوا بعض الأراضي في سفح الجبل، وبالقرب من مصادر المياه وشرعوا في زراعتها.

وينتج كل مزارع في هذه المناطق الحديثة، ما بين 1 إلى 3 كلغرامات من الزعفران سنويا.

موسم الجني ينطلق بداية كل أكتوبر من السنة، وقد يستمر حتى شهر نونبر، وحسب أحمد يحتاج الزغفران إلى مهارات خاصة لجنيه، إذ يتم في البداية قطف زهرة الزعفران، وجمعها قبل أن يتم استخلاص شعيارات الزعفران منها في البيت.

معدل حياة بصلة الزعفران كما يسميها المزارعون هنا، في نفس المكان يتراوح بين 4 و 5 سنوات، حيث يلجأ المزارعون بعد هذه المدة، إلى نقلها إلى أماكن أخرى، لبث الروح فيها من جديد، وتنبعث من بين التراب كأنها زرعت لأول مرة وهذه خاصية أخرى للزعفران.

يلتزم المزاوعون بري الزعفران بعد القطف إلى حدود شهر أبريل، حينها تدخل البصلة في حالة من الكمون والسبات، ويخيل للناظر الى حقوله في هذه الفترة أن هذه الأرض جرداء لا حياة تجتها، لكن مع بداية شهر شتنبر تنبعث من جديد كما ينبعث طائر الفنيق من تحت الرماد، فتنموا نبتها وتخضر، قبل أن تزهر في بداية شتنبر لينطلق مسلسل الجني من جديد.

عملية الري، عملية مهمة في حياة الزعفران، حسب المزارع سعيد جوهر، هذه العملية تنطلق أيضا بموازاة عملية أخرى هي تنقية تربة الزعفران من الشوائب والأعشاب التي يمكن ان تقلل من انتاجيته.

إلى جانب ذلك، يعمد المزارعون، إلى تدعيم تربة الزعفران بالمواد العضوية بالدوبال، وحتى الأسمدة لضمان إنتاج وافر، يعوضهم عن سنة كاملة من الكد والعناية بهذه الزراعة، التي تبقى رغم تأقلمها مع الظروف المناخية القاسية، حساسة إتجاه العوامل الخارجية الأخرى.

عقبة التسويق

قبل 10 سنوات كان ثمن الزعفران لا يقل عن 50 درهما للغرام الواحد، وكانت قيمته هذه والمكيال الذي يزنها مدعاة بالنسبة للمزارعين التفاخر بها لأنها كانت تعادل في قيمتها ذهبا، لكن بعد انتشار الزراعة وصعوبة تسويق المنتوج انخفض الثمن ليتراوح الآن ما بين 25 و 35 درهما للغرام الواحد.

يتذكر سعيد بوهاشم وهو واحد منتجي الزعفران في تنمليلت، في حديثه مع الأناضول، كيف أنهم اجبروا في احدى مشاركاتهم في أحد المعارض المخصصة لتسويق المنتوجات الفلاحية، عن مغادرة المعرض لكونهم لا يتوفرون على الشهادة الصحية التي يمنحها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتحوجات الغذائية والحويانية.

ويؤكد بأن الحصول على هذه الشهادة يستلزم توفر التعاونية التي ينشط فيها على مقر وعلى مجموعة من الشروط لم تتوفر لديهم حتى الأن، وهو ما يجعل تسويقهم حبيس الأساليب التقليدية.

ويطالب من المسؤولين بالتعاون معهم لتمكينهم من التسويق، حتى يضمنوا دورة الإنتاج، فهو يحتفظ حسب ما يؤكد بمنتوج السنة الماضية الذي لم يتمكن بعد من تسويقه بسبب عدم قدرته وزملائه إلى النفاذ إلى آليات وفضاءات التسويق المعروفة وبالخصوص المعارض.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)