تمور المجهول المغربية..ذهب الجنوب الشرقي

عندما فكر لحسين موجان، رفقة عدد من وجهاء منطقة أفانور، بضاحية مدينة تنغير جنوب شرقي المغرب، تحويل أرضهم الزراعية إلى واحة لنخيل المجهول، كان يدرك بأنه مقبل على مغامرة كبيرة، لكن لم يفقد الأمل ومضى في اختياره حتى تحولت مزرعتهم اليوم، إلى مزرعة نموذجية يضرب بها المثل من قبل المؤسسات الدولية العاملة على تطوير الزراعات الصحراوية.

قبل خمس سنوات، كانت أرض أفانور، شبه صحراء قاحلة، يخيل الناظر إليها بأنها لا تصلح لشيء، لكن حدس موجان كان يوحي له بأنه لن يعثروا على مكان وأرض أفضل من هذه لبداية مشروعهم الطموح.

تمكن اليوم إلى جانب زملائه في جمعية أفانور للتنمية، من غرس 100 هكتار (الهكتار الواحد يساوي 10 ألاف متر)، بالنسبة لهم هذه المساحة الكبيرة بدأت تتحول إلى مصدر ثروة مهمة، بل ستشكل للكثيرين منهم بديلا عن الأنشطة التي يزاولونها بالنظر إلى مردودية المجهول وقيمته السوقية.

توزيع ديمقراطي

لم يواجه إبراهيم عباد، وهو عضو نشيط في الجمعية، المشاكل التقليدية التي تواجهها عادة القبائل المغربية في التعامل مع الأراضي السلالية (أراضي جماعية غير قابلة للحجز والبيع).

عندم عقد الجميع العزم على المضي في المشروع، باشرت الجمعية سلسلة لقاءات مع ذوي الحقوق، حتى المتواجدين منهم خارج أرض الوطن، بغية ايجاد صيغة تضمن لهم توزيعا عادلا لهذه الأراضي دون نزاعات، وهو ما حصل في النهاية حيث تمت العملية بديمقراطية وسلاسة حسب ما أكده موجان لشمس بوست.

روح التضامن والتكافل لم تتوقف عند توزيع الأرض السلالية، بل تعدتها إلى إنجاز المشروع، حيث اتفق الجميع بعد توزيع الهكتارات المائة إلى قطع من 400 متر مربع،  على استغلالها كلها في غرس نخيل المجهول لضمان انجاز مشروع نموذجي متكامل.

قيمة متعددة

حسب التقييم التجاري الذي منحته إدارة النسخة العاشرة للملتقى الدولي للتمر الذي ينظم كل سنة بمدينة أرفود جنوب شرق المغرب، فإن تمور المجهول، تصنف ضمن الأصناف الممتازة، وذات القيمة التجارية المرتفعة، ومطلوبة في السوق الداخلية والخارجية معا.

القيمة المرتفعة، عكسها أيضا إقبال الزوار على المنتجين العارضين لهذا الصنف في الملتقى.

القيمة المادية لتمور المجهول التي تصل إلى 90 درهما للكيلوغرام الواحد، سببا من الأسباب التي دفعت إبراهيم وزملائه في الجمعية إلى الاستثمار في مزرعة المجهول، كون النخلة الواحدة يمكنها أن تضمن لهم ربحا سنويا يصل إلى 7 الاف درهم، مع العلم أن الهكتار الواحد يمكن غرسه بأكثر من 300 نخلة من المجهول، فهو من النخيل الذي يمكن غرسه بكثافة.

وإن كانت نخلة المجهول حساسة جدا لبعض الأمراض التي تصيب أشجار النخيل، بصفة عامة، وبالخصوص إتجاه مرض البياض، فإن هذا النوع يمتاز في المقابل بقصر طوله، وهو ما يسهل عملية التلقيح، التي تنطلق بشكل دوري مطلع شهر مارس من كل سنة، وأيضا تضمن تشكيلتها سهولة الجني الذي ينطلق مع بداية أكتوبر من كل سنة.

مزرعة نموذجية

ليست المساحة الكبيرة للمزرعة ما يجعل منها نموذجية فقط، فالمشرفون عليها استطاعوا التحرر من نطاق الواحة، الذي يعتبر الفضاء التقليدي لغرس النخيل. أكثر من ذلك، يحرصون على استخدام أمثل للموارد المائية من خلال تجهيزها بكل مقومات الاستدامة، من خلال الاعتماد الري بتقنية التنقيط.

كما أن المزرعة تعتمد في حاجاتها من الطاقة الكهربائية على توليدها من الشمس، إذ جهزت بعدة ألواح شمسية مهمتها توفير الطاقة الكافية لضخ المياه من الأبار المجهزة لغاية الري.

وتعتمد المزعة في تغذية تربتها وإغنائها، على المواد العضوية وبالخصوص الدوبال، الذي تخلفه حيوانات المزارعين المشتركين في المزرعة.  

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)