قيلولة الحجر الصحي 

أخذت قيلولة. كالعادة طبعا. آخذ قيلولتي من غير كورونا ولا حجر حفاظا على لياقتي… العقلية…. ههههه…قبل البدنية… لأن البدنية تتطلب رياضة بدنية…. وانا كسول… كنت دائما اتسلح بشهادة طبية حتى أعفى من التربية البدنية. لهذا أنا قليل التربية… البدنية هههههه..
اذن أخذت قيلولتي الحجرية… الكورونية…لكن قبل ذلك تذكرت شخصية ملأت الدنيا بأخبارها… لدرجة أنني تحدثت عنها في رواية “نرجس المياه العديمة”… تعرفون من هي؟
المكي. صاحب اللمسات الطبية. صاحب الذبذبات الكهرومغناطيسية كما يقول. كم من قنينات ماء لمسها…. وكان يظن حاملوها أنهم يتعافون عند شربها… وكم من رؤوس ونهود مسد عليها… تذكرته. ولا أحد تذكره. أين هو؟ هل في حَجر صحي ام في حِجر زوجته؟ أليس بإمكانه أن يعافي باللمس..؟ فله ان يختار ما يلمس… له الحرية مادام الشفاء من لمسه… ابتسمت… وغفوت…
استفقت… استفقت… على إثر حلم. حلم واقعي. نسبيا. لأن نصف الحلم عشته واقعيا.
احكي لكم نصف الحلم. اي الواقع الذي رجع إلي عبر الحلم.
رايت نفسي طفلا. بجرادة. مدينتي المنجمية حيث ترعرعت. رايت أبي رحمه الله يمسد علي وأنا تحت رحمة الحمى. كنت كثير المرض. كجميع الأطفال حينها. مرض “لحلاقم” اللوزتين . أخذني من يدي وتوجه بي نحو “الطبيب” المختص في لحلاقم. كان إنسانا ورعا. شيخا مهابا. بائعا للأعشاب. الكل يعرفه باسم : السي لْمصْطْفى. عند وصولنا أمام دكانه الذي تفوح منه روائح الأعشاب، من حظنا وجدناه وحده. قدمني أبي إليه بدفعة من يديه على ظهري وكأن رجلي تعاكسان دفعته. بطريقته المهنية أخذني بيده اليسرى من يدي ليجذبني نحوه وفي نفس الوقت ضغط على عنقي، تحت ذقني، بيده اليمنى ثم طلب مني فتح فمي. فتحت فمي. سمعته يتمتم… ثم دفل داخل فمي. احسست ببزاقه داخل حلقي. فدفعني بلطف وحاله يقول : اخرج فانت معافى… مد له أبي يده كأنه يصافحه. فأخذ ما بها من نقود.
نصف الحلم غير الواقعي:
رجعت إلى المنزل. فأصبحت في منزلي الحالي. وأنا في الحجر. رايت نفسي واقفا بالبلكون والناس مصطفين امام مرأبي محافظين على سلامتهم بالتباعد. ينتظرونني كي التحق بهم لابزق على ما يمدون إلي. في الغالب كانوا يمدون نحو فمي مناديلا. لكن البعض كان يفضل أن ابزق مباشرة في فمه. هكذا اشتهرت. في بداية الأمر كنت أقوم بذلك مجانا. لكن بما أن الناس كانت تتعافى. كثر الطلب. فبدات ابزق في قنينات صغيرة. وأبيعها بثمن مناسب.
لكن عرفت فيما بعد أن البعض كان يشتري مني عددا كبيرا. فأصبحت المضاربات قوية. سجلني بعض الشباب من غير علمي فنشروا التسجيل على وسائل الإعلام والتواصل فأصبحت طائرات الهيلوكبتر تنزل فوق سطحي. أصبحت مشهورا….
استفقت. وحمدت الله أنني استفقت. لانني كنت لاحظت ان المخابرات العالمية بدأت تتحرك حول منزلي. مخابرات صينية وأمريكية وروسية… لكن المخابرات الصينية كانت تبدو أقوى… فسمعت ابنتي تقول لي :” لا تترك الصينيين يسرقون منك بزاقك.. هم السبب… سوف يحتكرونه…
محمد العرجوني
تحت الحجر الصحي 07-4-2020
شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)