أقصبي: اختياراتنا فاشلة..والمغرب في عجز تجاري مع 56 دولة ..وتركيا هي الحائط القصير!

تصوير: نورالله بقالي

قال الخبير الاقتصادي، نجيب أقصبي، أن الاختيارات الاقتصادية التي اعتمدها المغرب منذ خمسينيات القرن الماضي، كانت فاشلة باعتراف رسمي.

 

وأبرز الباحث الاقتصادي، في ندوة حول “أزمة النموذج التنموي: أي بديل؟”، نظمها الحزب الاشتراكي الموحد، أول أمس، بالنسيج الجمعوي بوجدة، أن الوضع الذي نقول عنه فاشل، لم ينزل من السماء وليس قدرا، وإنما نتيجة اختيارات.

وأكد في هذا السياق، بضرورة الربط بين ما هو اقتصادي بما هو سياسي على اعتبار أن الاختيار الاقتصادية هي اختيارات النظام السياسي.

 

وبالرجوع إلى الوثائق الرسمية والمخططات التي أقرتها الدولة، يتضح وفق نفس المصدر أن المغرب اعتمد على اختيارين رئيسيين، الأول هو بناء اقتصاد السوق، أي وقوف المغرب في خندق المعسكر الغربي، وهو أختيار تسود فيه قواعد، التعددية الحرية و الشفافية، و المنافسة الحرة، و يعتمد على القطاع الخاص باعتباره المحرك الأول للاستثمار وفرص الشغل.

فيما الاختيار الثاني، ارتبط بالخارج، وسوق خلال إقراره بأن المغرب لديه مؤهلات طبيعية وبشرية تجعله يتخصص في إنتاج بعض المنتجات وتصديرها، والمنطق الذي كان يقف وراء هذا الاختيار، أنه عندما نعود مصدرين سنجلب الأموال من فائض الميزان التجاري للاستثمار، وأيضا جلب الاستثمار الأجنبي لخلق دينامية في الداخل، وتحقيق التنمية الداخلية، أي أن قاطرة التنمية في البلاد سيتم جرها انطلاقا مما سنجنيه من الخارج.

 

وأبرز نفس المتحدث بأن هذه الاختيارات لم تتغير منذ عقود، ووظفت الدولة الملايير في سبيلها، وفي سبيل تكوين برجوازية وطنية قادرة على خلق فرص الشغل وإنعاش الاقتصاد الوطني.

لكن ورغم كل ما تم توظيفه وزهاء 50 سنة من “تعليف” القطاع الخاص بالدعم والإعفاءات الضريبية والتحويلات، لازال الوضع كما هو، وضرب مثالا حول عدم انعكاس ما تم توظيفها في الواقع المعاش، بالواقع البئيس للعالم القروي وقطاع التعليم والصحة وغيرها من المجالات.

وأضاف انه، لا يكفي الوعي بفشل هذين الاختيارين، على اعتبار أن هذه المسألة كانت بادية وتم الاقرار بها حتى في عهد الحسن الثاني، عندما تحدث عن السكتة القلبية، وما تلاها من تقارير تقر أيضا بفشل الاختيارات، وعلى رأسها تقرير الخمسينية،  الذي لم يطبق منه حتى 5 في المائة، وإنما يجب الوعي أيضا بتأثير ذلك على مستوى النمو، فاليوم عندما يتم الإعلان عن نسبة نمو 2 في المائة يعني أن هذه النسبة لا يمكن أن ترفع من مستوى العيش ولا خلق فرص الشغل.

 

المغرب والتبادل الحر مع تركيا

 

وبخصوص الاختيار المرتبط بالعولمة، كشف أقصبي بأن المغرب بين  1995 و 2000 وقع اتفاقيات للتبادل الحر مع 56 دولة، وحث في هذا السياق على الرجوع إلى ما كان يقال في هذه الفترة، عن توقيع هذه الاتفاقيات، من قبيل أنها ستفتح الأسواق وتطوير الصادرات، لكن اليوم نحن في عجز مع هذه الدول، و هذا شيء يجب أن يسائلنا، كيف أننا في عجز تجاري مع كل الدول التي وقعنا معها الاتفاقية.

وتوقف أقصبي كثيرا عند اتفاقية التبادل الحر مع تركيا، التي أثارت أخيرا جدلا كبيرا في المغرب بسبب تهديد وزير التجارة بتقطيع الاتفاقية!

 

وأبرز أقصبي في هذا السياق، أنه بما أن اتفاقيات التبادل الحر تعني فتح الأسواق في الاتجاهين، فانه في مثال تركيا نلعب لعبة اللاعب السيء الذي إن عرف بأنه سيخسر يقوم ويقلب الطاولة ويرفض اللعب، في حين أن هذا الأمر لا يمكن، في إشارة منه إلى تهديدات وزير التجارة في البرلمان بتقطيع اتفاقية التبادل الحر التي تربط بين المغرب وتركيا.

وأضاف، أن الانفتاح على تركيا كان لصالحنا نحن، لأننا كانت لدينا إمكانية للذهاب إلى تركيا وغزو السوق، و الإعفاء من الحقوق الجمركية في 2006 وهم كان لديهم تخفيض للحقوق الجمركية بصفة تدريجية، بين 2006 و 2015 “ولكن خدمو واش غادي نكذبو على راسنا وحققوا نتائج السؤال نسولوا ريوسنا و مقاولينا ومصدرينا، شنو دارو” يضيف الباحث المغربي.

 

وأبرز أن ما يتم تبير بيه حجم العجز الذي وصل مع تركيا الى 20 مليار درهم غير مقنع، قبل أن يضيف ويتساءل عن عدم التطرق أيضا الى العجز الذي يوجب بين المغرب والاتحاد الأوربي والذي هو 6 او 7 اضعاف العجز مع تركيا ويصل إلى 80 مليار درهم، وايضا العجز مع الولايات المتحدة الأمريكية!، ليخلص بأن الأمر بسيط كون تركيا هي “الحائط القصير”.

وأبرز أن المغرب فشل في كسب رهان التبادل الحر، على اعتبار أنه لم يكن يتوفر على  الأسس الداخلية لا على صعيد النسيج الاقتصادي المنتج الذي يؤهله لتكوين عرض تصديري منافس، و ليس لديه ثانيا الفاعل الاقتصادي الذي يحمل هذا المشروع.

 

وعلاقة بتهيئة النموذج التنموي الجديد، الذي من المرتقب أن تقدم اللجنة الخاصة باعداده تقريرا في الموضوع الى الملك في الصيف المقبل، أبرز أقصبي بأنه ليس المطلوب المرور من الأسود إلى الأبيض، لكن ما هو منطقي، هو إستبعاد الاختيارات التي لم تكن مجدية.

وأشار في هذا السياق، أنه لا أحد من داخل اللجنة، ولا من خارجها، ولا من الدولة ولا خارجها يتحدث عن مراجعة الاختيارات.

وقدم في نهاية محاضرته، عدد من المقترحات التي يمكن عبرها أن تسهم في حلحلة الوضع والتوجه نحو اختيارات اقتصادية أكثر فاعلية، من ذلك القطع مع اقتصاد الريع، واعادة التفاوض مع الدائنين الداخليين، لتوجيه جزء من مخصصات الدين التي تفوق في قانون المالية الحالي مخصصات الاستثمار العمومي، لاعادة توجيهها الى إلى الاستثمار في القطاعات الحيوية كالتعليم والصحة.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 1 )
  1. محمد :

    مع الاسف نحن لم ننضج بعد اقتصاديا ولم تستفد حكوماتنا من اخطاءيها في جميع الميادين وداءيما نعود باللاءيمة على الغير وننسى اننا نحن الخاطؤن ونحن الفاشلون بالتدابير الغير مجدية والغير مناسبة للزمان والمكان، فكيف لنا ان نتقدم او نتطور ؟ شيء لا ينبغي نسيانه وهو ان التاريخ لا يرحم …….

    0

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)