بدر المقري يكتب.. نساء وجديات رائدات (الحلق 9): فرانسين كانوفاس

         بدر المقري / أكايمي مغربي من وجدة

                                               

تعمدت ذكر هذه السيدة باسمها الأصلي (فرانسين كانوفاس)، وليس باسم الشهرة (ناتالي دولون)، بعدما تزوجها الممثل الفرنسي المشهور (آلان دولون) في فرنسا، يوم 13 غشت 1964، ليدرك القارئ إدراكا واعيا كيف أنتجت الصدمة الاستعمارية، المتمثلة في الاحتلال الفرنسي لمدينة وجدة يوم 29 مارس 1907، فسيفساء عرقية واجتماعية وثقافية.

ولعل من العلامات الدالة التي تتطلب مقاربات أكاديمية محكمة، أن التعدد العرقي والاجتماعي والثقافي بلغ من الأوج سنة 1931، درجة أن 26 جنسية من مختلف القارات، كانت تعيش في مدينة وجدة. 

وقد اخترت أنموذجا في هذه الحلقة، (فرانسين كانوفاس)، التي ولدت في حي الليمون بمدينة وجدة، في فاتح غشت 1941، لأجل التنبيه على ضرورة، بل وجوب توفية العناية العلمية بتلك الذاكرة الجماعية الخصبة، التي انبثقت مكوناتها عن الصدمة الاستعمارية.

وهكذا يكون المفضى في التعريف الموجز بالسيدة (فرانسين كانوفاس)، إلى التذكير بأن أسرة (كانوفاس)، من أصول كاطالانية إسبانية، هاجرت إلى مدينة وهران في النصف الثاني من القرن 19. وقد شدت الرحال إلى مدينة وجدة حوالي 1910، بينما هاجر فرع آخر من هذه الأسرة إلى جرادة، بعيد 1921. 

 ولعل مما يضفي صبغة خاصة على هذه الحلقة، من هذه السلسلة التوثيقية الخاصة ببعض النساء الوجديات الرائدات، هو أن القائمين على الشأن المحلي بوجدة منذ 1956، لم يدركوا قط أن ممثلة سينمائية عالمية نالت البطولة في 28 فيلما ما بين 1967 و 2008، وأخرجت فيلمين سينمائيين سنتي 1982 و 1988، هي من مواليد مدينة وجدة، وأن الاعتراف بالثروات اللامادية لمدينة وجدة والالتزام بأخلاقيات الذاكرة الجماعية، كلها أمور ملزمة لتكريمها في المدينة التي ولدت بها واحتضنتها. 

لقد جمعت (فرانسين كانوفاس) أو (ناتالي دولون)، في سيرتها الذاتية الصادرة بباريس سنة 2006، فأوعت. وإذا كان فاقد الشيء لا يعطيه، فإن من لا يدرك قيمة الثقافة، والسينما من أجناسها، لا يمكنه يقينا إدراك مسار فني متنوع لسيدة تظل أولا وآخرا، مرتبطة بمدينة اسمها: وجدة.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)