بدر المقري يكتب: نساء وجديات رائدات (الحلقة 7): هبة الله بربار

بدر المقري، باحث أكاديمي من وجدة

إن مما تستهدفه هذه السلسلة التوثيقية الخاصة ببعض النساء الوجديات الرائدات، التذكير بأن تنمية المدن لا يمكن بتاتا أن تتحقق بغير التناسق التام بين المجالات الحضارية والثقافية والتراثية.
ولذلك نرجح أن الأجدى بالاهتمام في استحقاقات التنمية المحلية، هو تحويل المعرفة إلى ثقافة.
وفي أنموذج هذه الحلقة التوثيقية، ما يعطي البرهان على أن في استثمار مكونات الذاكرة الفنية لمدينة وجدة، ما يجعل من المدينة وجهة سياحية ثقافية دولية، تتأيد بسياقات محلية وجهوية ووطنية وعالمية.
يتعلق الأمر بالفنانة السيدة (هبة الله بربار)، التي ألف الناس اختصار اسمها في: (هبة بربار).


وليس مما يضفي صبغة خاصة على شخصية هذه السيدة الفاضلة، أصولها التلمسانية فقط، ولكننا نضيف إلى ذلك أن السيدة (هبة الله بربار) من (الكراغلة)، أي إن أصولها من جهة الأب تركية عثمانية، وإن أصولها من جهة الأم تلمسانية.
والثابت أن ما يجعل السيدة (هبة الله بربار) رائدة بين قرائنها في مدينة وجدة، فوزها بقصب السبق في حقل الموسيقى الأندلسية. فقد كانت سباقة إلى العزف على آلة (لگويطرة)، في إطار جوق نسوي للموسيقى الأندلسية، أسسته بمنزلها في حي القصبة بوجدة، سنة 1920.
ومما يعتبر دليلا على ريادة السيدة (هبة الله بربار) الفنية، أن رائدة الموسيقى الأندلسية بتلمسان، السيدة (فاطمة ثابت) المشهورة عند الناس باسم: (الشيخة طيطمة) (1891-1962)، أقامت عندها بصورة متقطعة ما بين 1919 و 1925، بعدما طردها أهل تلمسان من مدينتهم، لأنهم لم يستسيغوا دخول المرأة ميدان الغناء.
وقد أبدعت السيدة (هبة الله بربار) على آلة (لگويطرة)، والسيدة (الشيخة طيطمة) على آلة (الآلطو) (من أنواع الكمان)، في أداء الفنون الآتية:
– الحوفي، وهو من الشعر النسوي بتلمسان.
– المغربي أو الغربي، وهو مزيج من الملحون المغربي والموسيقى الأندلسية.
– الحوزي.
وإذا كانت السيدة (هبة الله بربار) قد التحقت بالرفيق الأعلى بمدينة وجدة في بداية الستينيات من القرن العشرين، فإن الأحق في سياق أخلاقيات الذاكرة، تكريمها بشكل من الأشكال.
فماذا لو حمل (المركز الثقافي) الذي يوجد تحت وصاية المجموعة الحضرية بوجدة، اسم: (المركز الثقافي هبة بربار) !

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)