في حوار مع شمس بوست والي أمن وجدة يقول كل شيء عن أمن المدينة والجهة ويكشف خطة عمل رأس السنة

عبد المجيد أمياي

تصوير: نور الله بقالي

على بعد ساعات قليلية من السنة الجديدة، والتي ترافقها إجراءات امنية خاصة، يكشف والي أمن وجدة مصطفى عدلي، في هذا الحوار مع شمس بوست، أهم ما ترتكز عليها الاستراتيجية التي تعتمدها ولاية الأمن لمواجهة الجريمة، وفرض الأمن، والإجراءات التي اتخذتها لمواجهة الظرف الخاص المتمثل في احتفالات رأس السنة الجديدة.

 

 هذا بالإضافة إلى الحصيلة التي تحققت والتي ستعود إليها شمس بوست بتفصيل في مواد أخرى.

 

ـ السيد الوالي، شكرا على إتاحة هذه الفرصة، أود أن أسألكم بداية، ما هي الخطوط العريضة للاستراتيجية الأمنية التي تشتغل عليها ولاية أمن وجدة؟

 

شكرا على إنفتاحكم على ولاية أمن وجدة، للحديث عن أهم المواضيع التي تشغل الرأي العام المحلي والوطني، على إعتبار أن الحق في الأمن أصبح من الحقوق الدستورية، الذي لا يمكن تجاوزه، والتغاضي عنه، كالحق في الأكل و النوم.

 

حتى أن الله عزل وجل قرن الجوع بالأمن حيث قال في كتابه الكريم “الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف”، بمعنى أن الإنسان، أحيانا يمكنه أن يستغني عن الأكل ولا يمكنه إطلاقا الإستغناء عن الأمن.

 

بالنسبة لمصالح ولاية أمن وجدة، هناك استراتيجية يسهر عليها السيد المدير العام للأمن الوطني، ونحن على مستوى الجهات نعمل على العمل بها والتقيد بمضامينها وتنفيذها مع مراعاة خصوصية كل جهة على حدا.

لماذا مراعاة الخصوصية؟ لأنه لا يمكن مثلا أن نقارن جهة الدارالبيضاء الكبرى بجهة الشرق، باعتبار أن لكل جهة خصوصيتها، والأمر أشبه بلجوء شخصين إلى نفس الخياط، لكن الملابس التي يرتديها الأول تختلف عن الملابس التي يرتديها الثاني، بكل بساطة لأن أحدهما أطول وأسمن من الثاني.

 

بالنسبة لولاية جهة الشرق، ننجز عملين، الأول روتيني يومي، والثاني استراتيجي، بالنسبة للعمل اليومي، تمليه حاجيات المواطن الطفيفة من الأمن، أو حاجياته البسيطة للأمن، كالسهر على ألا يتعرض للسرقة، وألا يتعرض منزله للسرقة أيضا، و ألا تتعرض الفتاة للسرقة بالعنف، وأن لا تتعرض الزوجة لتحرش…إلخ،  بمعنى هذه واجبات أمنية نحن كمرفق للأمن، ملزمين بالعمل بها وتمكين المواطنين بها.

 

وهناك بعض التحديات التي تطرحها الخصوصيات الجغرافية لجهة الشرق، لماذا؟ لأننا نمتد على شريط حدودي من مركز لخلاك إلى غاية السعيدية، وكذلك شريط حدودي بحري من السعيدية إلى المياه الإقليمية للحسيمة، بمعنى الجهة الشرقية على واجهتين حدوديتين، الأولى مع الجارة الجزائر، والثانية مع أوروبا عبر المدينة السليبة.

 وحين نتحدث عن الحدود أو الجهات المتاخمة للحدود، هناك بعض الجرائم التي تسمى بجرائم الحدود (بين قوسين)، نتحدث عن الاتجار بالبشر أو ما يسمى بالعصابات الإجرامية التي تنشط في مجال تهريب البشر، أو الهجرة غير الشرعية، و كذلك جرائم الاتجار الدولي في المخدرات، و الاتجار الدولي في الأقراص المهلوسة، و تهريب العملة.

 

 معنى هذا أن ولاية أمن وجدة تشتغل، عن طريق هدفين الأول داخلي والثاني خارجي، و كما أسلفنا يتمثل الأول في تمكين المواطن العادي من الحاجيات الأمنية التي يحتاج إليها، في يومه وهذا ما نسهر عليه.

 

ـ هنا وارتباطا بنشاط التهريب المعيشي، الذي كان يشغل مجموعة من المواطنين، بالمدينة والجهة، هناك من يربط بين إنتفاء هذا النشاط، بسبب الاجراءات التي فرضها المغرب على الحدود، وبعض الظواهر الإجرامية، ما تعليقكم؟

 

لقد فتحت قوسا مهما، هناك العديد من النظريات التي تفسر الجريمة، و النظرية الشائعة المتداولة هي النظرية الاقتصادية، بمعنى أن الظنين أو المشتبه فيه، يلتجأ إلى إرتكاب الجريمة تحت يافطة الفقر. غير أنني كمتتبع ومهتم بعلم الإجرام، وباحث أحضر الدكتوراه في هذا المجال، ( علم الاجتماع وعلم الإجرام الجريمة)، عمليا بغض النظر عن تحليلي الشرطي، و كتحليل علمي وكرجل علم لم يثبت هذا التفسير على أرض الواقع، أي أن السبب الاقتصادي (هشاشة، فقر بطالة…) هو سبب الجريمة.

 

نحن نلمس أن هناك تراجعا في مؤشرات الجريمة، وخصوصا الجرائم الماسة بالأموال، وهذا راجع بالاضافة إلى العمل الأمني الذي تسهر عليه مختلف المصالح الأمنية، هناك بعد انتربولوجي، يتجلى في تفكير البنية الخلفية لمواطن جهة الشرق، لماذا؟ لأن مواطن جهة الشرق مازلت تحكمه القبيلة، وهناك مجموعة من العادات التي لازالت تحكم السلوك اليومي، كأن يخشى أن يقال إبن فلان سرق أو زنى أو قتل.

هذه الخلفية القبلية، هي المحدد في سلوكنا في ظل مجتمع ابيسي، أي المجتمع الذي تحكمه تراتبية الأب والأعيان حيث لكلمة هؤلاء وقع، وبالتالي فمجموعة من الممارسات الإجرامية تعتبر عارا.

 

وبالتالي يمكن إدراج ربط السرقة مثلا بالبطالة أو الجفاف أو قلة عائدات الجالية ضمن ما يسمى بالمعرفة العامة، والتي نعني بها، الأمور التي يتداولها الناس فيما بينهم، دون أن تستند إلى حقائق علمية.

 

أما المعرفة العلمية التي تنبني على معطيات دقيقة، و على الملاحظة، والإحصاء والتحليل فهي التي تشكل الفرق مع المعرفة الأولى، وكمصالح أمنية، أو مسؤول أمني تحكمني المعرفة العلمية، و حين نرتكن إلى الإحصائيات نجد بأن مؤشر الجريمة في انخفاض.

 لكن المواطن يمكنه أن يتأثر بحالة واحدة، كأن يرى شخصا مخمورا ويحمل سيفا، والرأي العام المحلي من السهل توجيهه بتصرف عند عرضه على المحكمة سيكون الأمر يتعلق بجنحة من الدرجة الثالثة.

عمليا وكما أسلفت الذكر، الجريمة وبالخصوص الجريمة العنيفة، كالسرقة بالعنف والاختطاف، و السرقة بإشهار السلاح الأبيض، و القتل و العصابات الاجرامية، و العصابات الملثمة، غير موجودة في وجدة كما في الشرق.

 

والعمل المنجز، كما أكدت يتم بمساهمة فعلية لمصالح الأمن، من خلال قراءة الشكايات، و عن طريق التواجد في الأماكن التي يمكن أن تعرف سرقات، و تنعدم فيها الانارة و لا تتوفر على حراس ليليين، و عن طريق الاجتماعات الأسبوعية التي نقوم بها، والتواجد في الساحات العمومية بالإضافة، إلى ذلك الطابع القلبي الذي تحدثنا عنه أيضا.

ـ هنا يجرني حديثك للتساؤل، عن الطريقة التي يمكن بها تغيير بعض الصور النمطية حول الإحساس العام بالأمن لدى المواطنين؟

 

بالفعل هناك صور نمطية، من ذلك أن المواطن يخاف، “مكاينش الأمن”. ولا يمكن أن تتغير هذه الصور بين عشية وضحاها، وأولى الخطوات لتغيير الصور النمطية التي لدى المواطن عموما على أداء مصالح الأمن، هو هذا الانفتاح، وهذا الاستجواب معكم هو خطوة من بين الخطوات العديدة التي من المفترض أن تكون.

 

إلى عهد لم يكن ممكنا الحديث في الشأن الأمني، وكان يعتبر تصريح مسؤول أمني بمثابة طابو، لكن مع تعيين السيد المدير العام الجديد، أصبحت المؤسسة الأمنية تنفتح على محيطها الخارجي، عبر تكريس السنة السنوية المتمثلة في الأيام المفتوحة، وكذلك عبر الانفتاح محليا على وسائل الإعلام، و عن طريق الحضور الأمني في الأماكن التي يجب أن يكون فيها حضور أمني، مثلا في المرافق الحيوية، والأسواق الكبرى والمراكز التجارية التي نسعى أن يكون فيها الحضور إلى جانب جميع المناطق الأهلة بالسكان، بارزا وظاهرا للعيان من خلال إرتداء العناصر الأمنية للصدريات.

 

كما أنه في الأحياء هناك مراكز عناصر شرطة القرب، أكثر من هذا يتم قراءة شكايات المواطنين في خلية التحليل، و نوجه الأعمال الأمنية في هذا الاإجاه بغية إزالة الصورة النمطية، لأنه في النهاية الإحساس بالأمن، عند المواطن هو المهم.

 

لكن هناك فرق، بين الإحساس بالأمن، والإحساس بالأمن المزيف، بالنسبة لي كوال أمن من السهل أن أحسس المواطن بالأمن، لكن قد يكون تحسيسا مزيفا، أعطيك مثالا عن هذا الأمر هو أن تكون لدينا دورية أو نجدة في حي معين، مستنفرة وتجوب الحي، لكن رغم ذلك هناك مثلا 10 بزناسة و 5 مروجي القرقوبي و 3 بائعي الخمور.

وعلى العكس من ذلك عملنا محكوم بمحاربة الجريمة في مهدها، أنا لا أقوم بـ”الماركوتينغ”، لأن الأمر إن استمر ستنكشف الحيلة، يجب أن أقدم منتوجا أمنيا في المستوى، من خلال محاربة الجريمة ظاهريا وباطنيا، ظاهريا بالتواجد المستمر في الأماكن وباطنيا عن طريق مواجهة الأسباب.

 

والأمر أشبه، بالشخص الذي يعاني من الصداع، ويأخذ عقار “دوليبران”، قد يخفف الألم لكن قد يكون الشخص يعاني من أمراض مزمنة، و أنا أعالج الأسباب وليس الأعراض.

 

تغيير الصور النمطية كما قلت عمل يجب أن ينخرط فيه الجميع، مصالح الأمن عن طريق تسويق صورة إيجابية عن مرفق الأمن، بكونه مرفق مواطني، وعن طريق الناس الفرقاء المهتمين بالشأن الأمني، الجميع يجب أن يجتهد.

 

هناك عمل يقوم به السيد المدير العام، عبد اللطيف الحموشي، الذي يعرف ماذا يريد، وفي حدود السنوات المقبلة هذه الصورة المتعلقة بالإحساس بالأمن الذي هو موضوع جميع الاجتماعات ستتكرس.

 

ـ من خلال متابعاتي، ربما أكثر فئة مجتمعية تصدر عنها ردود أفعال بخصوص توفر الأمن، هي فئة سائقي سيارات الأجرة، بالنظر للاعتداءات التي تعرض لها البعض منهم؟

 

ما يزيد عن 8 أو 9 أشهر لم تسجل لدينا أية شكاية تتعلق بسرقة سائق سيارة أو أنه كان موضوع اعتداء، أعطيك مثال دائما أردده في الاجتماعات، هو ما الذي يشجع سائق سيارة الأجرة على حمل 3 او 4 أشخاص، غير إحساسه بالثقة، ووثوقه أن المصالح الأمنية ستصله في حالة وقوع أي اعتداء.

 

أما فكرة أن هناك عصابات اجرامية تنشط في سرقة سائقي سيارات الأجرة أنفيها نفيا قاطعا، ولو كانت هناك لدينا الطرق التي نضبطها بها، و حالات الاعتداءات التي كانت تم ضبط مسببيها، وفي كثير من الحالات يكون الأمر ناجم عن خلاف.

سؤال أخير، هل ولاية الأمن لديها تدابير خاصة في رأس السنة أم الأمر سيتم التعامل معه بشكل عاد؟

 

بطبعة الحال، هناك تدابير خاصة مفروضة بحكم الواقع، أولا، الجهة تعيش تحت ما يسمى تداعيات الهجمات الارهابية. و في العمليات الاستباقية التي تقوم بها المديرية العامة للأمن الوطني بالتنسيق مع المركز الوطني للأبحاث القضائية مؤخرا، تم تفكيك خلية ارهابية أطراف منها ببركان وأطراف في الناظور، كما تم إيقاف أخيرا 3 من عناصر أرهابية هنا في المغرب وواحد في مدريد، أي أن الهاجس الإرهابي حاضر في الجهة.

 

كما أن الجهة تزخر بمنشآت استراتيجية، ومنشئات ذات قيمة كبيرة وحيوية، يعني من الضروري تأمينها. نحن نؤمنها في الأيام العادية، ولكن نؤمنها بشكل أكبر في الأحوال الاستثنائية، كنهاية السنة.

هناك أيضا الفنادق، في وجدة والسعيدية. صحيح أن وجدة والسعيدية لا يمكن مقارنتها بالدارالبيضاء أو مراكش، مع ذلك تبقى هذه المنشآت الفندقية، التي يمضي فيها الناس رأس السنة ذات أهمية كبيرة.

 

وعلى مستوى أحياء مدينة وجدة، نقوم بتربيع المدينة، من خلال السدود التي توضع في مداخلها، والتي تعطي الإحساس بالأمن، وتشكل أيضا أول مصفاة للأشخاص الذين يلجون إليها، ونصل حتى إلى المخابز التي يقبل عليها المواطنين لحمايتهم وممتلكاتهم من أي سرقات محتملة وحماية حتى اصحاب هذه المخابز أيضا.

 

عموما ما يطبع عملنا ليلة رأس السنة يطبعه ما هو استراتيجي، يدخل ضمن الأمن العام للبلاد. و ما هو تكتيكي لمواجهة الوضع في تلك الليلة، والحمد لله أتشرف بتولي منصبي على رأس ولاية الأمن منذ 4 سنوات، ولم تقع أحداث تسيء الى الجهة بصفة عامة وتمس بأمن المواطنين ومنسوب الأمن الذي يجب أن يحس به المواطن.

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)