الحرب ضد الوداد.. أبعد من الطمع في لقب.. بل رهان على السمسرة!

 

أحــــمـــد مـــديــاني

99 في المائة من أسهم الوداد الرياضي في ملكية الجمعية ولا مجال لأي كان بأن ينتزع هذا الربح الذي سوف تفهم مقاصده بعد سنوات من اليوم. قد تبدو هذه الجملة للبعض عادية وطبيعية ولا خلفيات فيها قد تجر المشاكل على الفريق وتجعله مستهدفاً، العكس تماماً، ولكن كيف؟

عندما قررت الجامعة الملكية لكرة القدم تنزيل تأسيس الشركات الرياضية بقوة “الحديد والنار”، رغم أن البنى التحتية والإمكانيات المالية والبشرية للأندية لم ولن تسمح بتحول سلسل يراعي مصالح الفرق وليس الأشخاص، لم يكن ذلك على أساس دخول عالم الاحتراف فقط، بل إن التحول تفرضه اليوم “وزيعة” يتم التحضير لها على نار هادئة، كي تستمر رياضة كرة القدم متحكماً فيها، وتوجه بوصلتها حسب ما يخدم أجندة أصحاب المصالح.

الرياضة قريباً ستخرج من دائرة “الإشراف السياسي” مؤسساتياً، وذلك بسحبها نهائيا من التشكيلة الحكومية التي ستفرزها الانتخابات التشريعية القادمة عام 2021، لتتحول بذلك إلى مؤسسة “مستقلة” تدبر شؤونها من خلال ممثلين لها “حصراً”، وطبعا من طرف من يحركونهم من وراء الستار.

“استقلالية” الرياضة في المغرب ولأننا لا نملك غير كرة القدم، سوف تنعكس على هذه الأخيرة بالدرجة الأولى، ولأن التحكم في نتائج الجموع العامة للجمعيات الرياضية كان يسيراً إلى حد ما، ويمكن من خلالها رسم خارطة الطريق حسب هوى من يملكون مفاتيح اللعبة في حقبة ما، واقع الشركات الرياضية سوف يفرض واقع آخر. واقع يجب معه ضمان أن يكون المالكون لأسهم كل فريق تحت السيطرة، وليسوا من النوع الذي قد يشهرون الفيتو في وجه التوجيهات والانصياع لقاعدة “عام ليك وعام لي عزيز عليك”، وأيضاً منطق ضمان التوازن الرياضي “بزز”، بعيداً عن التنافسية الحرة والحق في السيطرة لمن يملك الترسانة البشرية والتقنية والمالية لصعود “البوديوم” كل موسم.
مسار التحول هذا كان فيه الوداد استثناء، وفعل الخطوة الأولى بشكل مبكر لمواجهة محاولات “مالين الشكارة” لامتلاك النادي، من يسيرون الوداد فطنوا إلى أن الجري وراء ما يراد أن تكون عليه الشركات الرياضية ليس في مصلحة أحد، وإن كان الفريق سيكون كله باسمهم، لأن مقابل مرور كل هذا يجب أن يضعوا ضمانات على أنهم سينفذون كل ما سيطلب منهم، مع قبول ادخال أسماء بعينها إلى دائرة المالكين للنادي.

في جزيرة ما، المهمة تمت بنجاح لمن توصلوا بالتوجيه ونفذوا المطلوب كله دون رفض، وبالعودة إلى سنوات القحط الذي كانت تعاني منه يتذكر من لا يمتلك ذاكرة السمك أن كاهنها الأعظم قال: “طلبوا مني تسيير الجزيرة وليس ساكنتها”، أكمل الكاهن مهمته ووضع شبيه رئيس الجزائر على كرسي المقود، خلفه أسماء تمسك بالخيوط كلها، ووضعت حصتها سواء عن طريق الأفراد أو المؤسسات، اسم واحد فقط يجد صعوبات اليوم في الاستمرار ضمن الملاك الفعليين بسبب غضبة تصريحات مراكش، أما الباق فهم ماضون نحو تشميع الجزيرة واستصدار أوراق تسجيلها وتحفيظها إلى أن يرث الأرض ومن عليها من يملكها “جملة”، كيف لا يقومون بذلك وهم من بينهم موهبة لها باع طويل في “تبياع القرد والضحك على من اشتراه”، سواء حين كلف يوماً بإدارة شركة الاتصالات الحمراء التي حولت لوناها إلى البرتقالي أو حين وضع “لوغو” بئيس على واجهة محلات تجارية ماتت في المهد أو حين جعل من الرياضة كلها أصلاً تجارياً لا يملك أطفال الأحياء حتى ممارستها مجاناً صباح كل يوم أحد.

الضغط على الوداد بكل الأشكال والألوان أكبر من صراع على لقب بطولة هناك من يطلب الفوز بها صراحة، ويقول: “نوبتي”، دون خجل. ليس فقط صراعاً على مواقع سياسية في حي صغير أو كبير أو حتى مدينة، وليس تسابقا على انتداب اللاعبين أو مواعيد البرمجة أو معاقبة اللاعبين أو ترجيح كفة فريق على حساب الآخر بالمنح المالية أو صافرة الحكام.

الحرب هي أكبر لرسم رقعة الميدان دون أن يكون أي خط متمرد وخارج عن الإجماع. اللعب الكبير هو “كون فاحلنا وحط صحابنا في الشركة واستمر معنا كما نريد وافعل كما فعلنا وسوف نفعل”، وهذا الميدان صعب جداً خوض الحرب فيه بردود الأفعال فقط، ويلزم معه ضبط النفس من أصغر مشجع للنادي مروراً بلاعبيه ووصولا إلى مكتبه المسير.

لكن أمام كل هذا، إدارة الفريق مطالبة بتغيير مكامن الخصاص ليس فقط فوق المستطيل الأخضر، لأن الكرة لا تلعب فوقه فقط، وأولها تشييد “ماكينة” تسويقية تواصلية لاستفادة من الوضع قبل مواجهة ما سوف يترتب عن اختياراته، والقطع مع مركزة مهام داخل النادي والتي لا تحتاج لكثير من الدهاء لتدبيرها، أكثر من ما تحتاج عقلنة في الفعل ودراسة لكل رد فعل، “ماكينة” توحد النغمة ما بين المدرجات وداخل المستطيل وفوق كراسي دكة البدلاء وصولاً إلى الإدارة في بن جلون.

مطالبة بالقطع من نهاية الموسم الكروي وتدبير الدقيقة الـ90 خاصة في رصد كل ما ينفع الفريق لاستقطابه، دون أن نخجل من الدفع بالحفاظ على منظقة ظل نحتاجها وإن كانت تغضنا أحيانا، في المغرب إفريقيا عموما أكسبتنا تلك المنطقة أوراقا رابحة يحاول من لا يتقنون المراوغة فيها اجبار مكونات الوداد على التمرد ضدها.

“لعب الدراري” لي خدام منذ مدة، ولي أطراف كثيرة في الدولة لا تتفق معه وتحذر من جر المدرجات إلى تعبيرات سياسية أقوى، له ما بعده، ويعرف جيدا من يحركون هذا اللعب أن جمهور الوداد النشيط من خلال ألتراس “وينرز” مطلع على أشياء كثيرة، وحصل نضج كبير في ردود الفعل، ولم يود التأكد عليه أن يتأمل جيدا ما ورد في البلاغ الأخير للمجموعة بعد مباراة الديربي وجاء فيه ما يلي: “بالنسبة لباقي الجماهير التي تتهم الوينرز بالصمت والسكوت عن الفساد وووو… فنحب أن نذكرها بأننا لسنا من هواة ركوب الأمواج، ولسنا ممن ينتظر أن تستاء الأمور حتى يتحرك، فلقد سبق أن عبرنا عن عدم رضانا سالفا حينما كانت الأمور بخير، واتهمنا الكثير منكم بالتشويش، وأننا مسخرون من أطراف معينة وأداة في يد جهات محددة.

وها نحن اليوم نؤكد لكم أننا لا نتحرك إلا وفق دراية تامة وشاملة لكل التوازنات وحساب كامل لشتى الموازين، وتعلمون جيدا أنه إن اتخذنا وتبنينا قرارا فلا نعود عنه أبدا حتى يتحقق المراد ولو أطبقت السماء على الأرض. وبناء على كل ما سبق، ترقبوا جميعا بيانا هاما للمجموعة في الأيام القليلة المقبلة حول الوضعية الراهنة للنادي، فكل شيء ممكن”.

عن صفحة الزميل أحمد مدياني، على فايسبوك وبالاتفاق معه

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)