لماذا الوحدة الاندماجية لفيدرالية اليسار حاجة ملحة الآن ؟

 

راكمت فيدرالية اليسار، من الممارسة النضالية المشتركة بين مكوناتها مايكفي تنظيميا و ميدانيا لكي تنتقل إلى مستوى أعلى و أعمق و أكثر فعالية في واقعنا المجتمعي.

 

و كأي فعل جماعي، فإن هذا التراكم لا يخلو من الإيجابيات التي يجب تثمينها و البناء عليها، كما اعترته الكثير من السلبيات التي يجب الوقوف عندها من أجل معالجتها و تجاوزها.

 

إن الصيغة التنظيمية الحالية لفدرالية اليسار، أبانت عن محدوديتها في مواجهة واقع سياسي يتسم باختلال كبير في موازين القوى، و بالتالي فهي عاجزة عن تمكين المناضلات و المناضلين من الوسائل التي من شأنها أن تساعدهم على الاشتغال بفعالية أكثر في أوراش اعتمدتها الفيدرالية في برامجها و لم ينجز منها إلا الشيء القليل، مثل ورش الشباب و المرأة و الإعلام. 

إن فيدرالية اليسار في صيغة وحدة اندماجية، لا يجب التعاطي معها الآن في حدود بناء حزب أو مجرد عملية تجميعية كمية، و إنما كحاجة سياسية مجتمعية ملحة لمواجهة الاختلال الكبير في موازين القوى التي تكاد تميل كل الميل لصالح الحكم بمعية قوى محافظة تقليدية و جديدة، و هجوم هذه الأطراف على مكتسبات الشعب المغربي الحقوقية و الاجتماعية، بالإضافة إلى واقع سياسي انتعشت فيه الانتهازية و الوصولية من جهة، و انعدام الثقة في الأحزاب و النقابات و باقي الوسائط.

 

كما أن التطلعات إلى الوحدة الاندماجية لفيدرالية اليسار، لا تقف عند حدود مكوناتها، و إلا لن تأتي بالقيمة المضافة المنتظرة منها، و لهذا فصيغة الوحدة الاندماجية يشترط فيها أن تكون مفتوحة على مكونات و فعاليات أخرى تتقاطع معها في التوجهات.

 

و بناء عليه، و لنقولها بصراحة، أن قرار الوحدة الإندماجية، رهين بقيادات مكوناتها، و التي هي مطالبة أكثر من أي وقت مضى، ببذل مجهود فكري و تواصلي من داخل و خارج تنظيماتها، يصب في اتجاه التسريع بإنجاز هذه الخطوة، فإن الشروط الذاتية و الموضوعية في وضعها الحالي مواتية و الظرفية مناسبة رغم صعوبات الواقع وتعقيداته و هنا تبرز الحنكة و الدراية السياسية التي تحسن الربط بين الذاتي و الموضوعي، وبالتالي فإن التأجيل قد يفوت الفرصة على إمكانيات نجاح هذه الخطوة بالزخم المطلوب.

 

إن الترافع على أطروحة التأجيل بحجة فشل أو أعطاب الخطوات الوحدوية السابقة في صيغة “اليسار الموحد” و ” الاشتراكي الموحد”، لا تستند إلى قراءة موضوعية، و لا إلى دراسات علمية محايدة لإصدار أحكام بشأنها، فكل الأسئلة التي حامت حولها بدون أجوبة رصينة، من قبيل هل فشل التجربتين، يقتصر على ما هو ذاتي أم فشل يمكن قرأته في سياق تراجع اليسار على الصعيد العالمي؟ أم أن أسبابه ذاتية تكمن في ثقافة و تاريخ اليسار المغربي ؟ 

 

إن قوى الاستغلال و الجهل في بلادنا، تمرح و تسرح في الساحة كما تشاء بسبب الفراغ، و ليس في نيتها تأجيل مشاريعها الزاحفة على ما تبقى من مكتسبات الشعب المغربي، و هنا تختبر غيرة من حمل على عاتقه حمايتها و الدفاع عنها.

 

إن التوقيت محدد أساسي في الفعل السياسي و في نجاح أو فشل أي مبادرة، فالوحدة الاندماجية لفيدرالية اليسار تبقى مجرد خطوة أولى أما عملية بناء الوحدة و تقويتها فهي سيرورة، وهذه الوحدة لا يمكن عقلا إنجازها حتى يحصل الانسجام التام، في السياسة إذا جئت متأخرا فمن الأحسن أن لا تأتي.

الحسان بنعاشور 

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)