كريم ..مهاجر مغربي يحكي قصة نجاته من مأساة سواحل وهران الجزائرية

 

“خرجنا حوالي 00:30 ليلا، من شواطئ وهران، وبعد ثلاث ساعات ونصف وسط البحر تعطل المحرك، وفي ظرف ثلاث دقائق، بدأت الأمواج تتلاطم. فانقلب خلالها القارب” يقول عبد الكريم كرزازي، أحد الناجين من فاجعة وهران التي راح ضحيتها ٣ مغاربة ينحدرون من تاوريرت واعتبر ٥ أخرين في عداد المفقودين.

وأضاف “تقلبنا خوتنا مشاو ..الله يرحمهم وأنا كان مازال لعمر طويلة”.

 

بداية القصة

 

يتحدث عبد الكريم بصوت كسير عن بداية الرحلة نحو الموت فيقول: “انطلقنا من سواحل وهران على متن قارب بمحرك 125 حصان، أملا في الوصول إلى الضفة الأخرى، بدأت رحلتنا بعد منتصف الليل وثلاثون دقيقة، وبعد ثلاث ساعات من الابحار ونصف، تفاجأنا بعطل في المحرك، ومابين دقيقتين إلى ثلاثة، إرتفعت أمواج البحر. في هذه اللحظات وجدنا أنفسنا في مأزق حقيقي وعرفنا أنها النهاية خاصة حينما بدأ القارب يهوي في الماء”.

 

وضيف: “في تلك اللحظة بالضبط لم أستوعب ما يحدث أمامي سوى أن اتشبث بقنينة فارغة كانت تستعمل في تعبئة محرك القارب، لم أعد أرى بعدها سوى ظلام دامس ووحشة البحر وصيحات باقي الأصدقاء الذين كانوا يغرقون واحدا تلو الأخر”.

 

قنينة النجاة

 

يواصل عبد الكريم سرد قصته لشمس بوست ويقول: “أثناء اللحظات الأولى من غرق القارب، كان الكل يحاول أن يتشبث بالحياة وينجو بنفسه، وكنت أسمع أصدقائي يطلبون النجدة ولكن في هذا الموقف كان الكل يقول: نفسي نفسي”.

 

“حاولت ألا أفقد القنينة، لأنها كانت الوسيلة الوحيدة لي في النجاة وسط أمواج البحر التي كانت تأخذني في كل الاتجاهات، مكثت على هذه الحالة ست ساعات وسط البحر، وشيئا فشيئا بدأت أفقد الأمل في النجاة بعد أن بدأ البحر في الجزر وبدأت القنينة تدب بي إلى وسط المياه” يضيف نفس المتحدث.

 

وأبرز عبد الكريم “هذه الساعات الست مرت وكأنها سنوات، تجرعت فيها من الهلع والخوف والأهوال ما لم يتجرعه أحد، رأيت شبح الموت يقترب مني في كل لحظة..ست ساعات وأنا متشبث بالقنينة، كانت تقودني إلى حيث شاءت الأمواج، وفي بعض الأحيان كنت أسترجع قوتي لأقوده نحو الأماكن الأمنة تشبثا بالبقاء”.

 

بداية الفرج

 

يسترسل عبد الكريم في سرد قصته مع شبح الموت في المتوسط، بتأثر شديد ويقول: “وبعدما اعتقدت أنه لا أمل لي في النجاة، وأن الموت أت لا محال، ظهرت خلال الساعة الخامسة صباحا من بعيد إحدى مراكب الصيد، حاولت أن اصرخ من الفرح ولم أستطع، اقتربوا منا، فكانت بداية الفرج”.

وأضاف متحدثا عن أمل النجاة الذي لاح فجأة: “أخرجوني من الماء منهك القوة رفقة أخرين بينما كنت أرى من بعيد، و على بعد كلمتر أصدقاء لايزالون يصرخون، وأخرون جثث هامدة، إنه يوم الرعب بالنسبة إلي”.

 

وأسترسل في الحديث: “وبعد دقائق من الإتصال بالبحرية الجزائرية جاءت سفينتين، حيث بدأت في إنتشال جثث ثلاث من أصدقائي الذين كنت أرى شبح الموت راس على أجسادهم، وإنقاذ سبعة أخرين.. ستة منهم جزائريين بالاضافة إلى شاب أخر من مدينة تاوريرت”.

 

أول ليلة لي في مخفر الدرك الجزائري

 

يضيف عبد الكريم متحدثا عن مرحلة ما بعد النجاة من كماشة الموت: “بعد أن تمكنت البحرية الجزائرية من إنتشالنا، سلمتنا للدرك الوطني الذين قاموا بتحرير محضر في الحادث بعد الاستماع إلى أقوالنا، تم نقلنا بعدها إلى المستشفى من أجل العلاج، ثم بعدها أعادونا إلى مخفر الدرك حيث قضينا يومين، قبل أن تتم إحالتنا على المحكمة للاستماع إلينا و اطلاق سراحنا بعد ذلك”.

نصيحة للشباب

استرسل الشاب في سرد قصته وهو يحاصر الدموع: “المرء لن يحس بنعمة الحياة إلا بعد أن يسقط في موقف رهيب كهذا، حينما يرى الموت أمام عينيه، تتمنى حينها فقط لو أن الله يكتب لك لحظة نجاة لتحط قدميك على اليابسة”.

 

وتابع عبد الكريم: “في لحظة الغرق لن ترسم في مخيلتك، لا المال ولا الأكل أو الشرب، تتمنى لو تعود إلى الحياة لتعيش فقط، والشيء الوحيد الذي يمثل أمامك في لحظتك هي صورة أمك”.

 

لذلك يضيف عبد الكريم متحسرا “خذيت درس فالحياة، كننصح الدراري لي عندهم خدمة زوينة بلا ما تغامر وتلوح راسك فالبحر، وتحرگ كبدة ديال واليديك”. وتابع: “فلو اتيحت لي الفرصة مرة أخرى فلن أعود للقارب، حتى ولو بسطوا البحر بالسجاد..حيت شت الموت بعيني.. وحينما تقدم على خطوة كهذه أعلم أنك غادي تقتل معاك والديك وخوتك”.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)