وفاة شاب بتاوريرت بسبب “التماطل الطبي”.. يعيد الجدل من جديد حول واقع الصحة بالشرق

عاد الجدل من جديد بين أوساط فعاليات المجتمع المدني بمدينة تاوريرت حول الوضع المتردي الذي يشهده القطاع الصحي بالاقليم خاصة ، وعلى مستوى الجهة عموما نظرا للاختلالات التي أصبحت تشكل هاجسا، بسبب سلب حياة الكثير من المرضى الذين يلجون هذه المؤسسات العمومية بحثا عن العلاج.

 

هذه الاختلالات والنقائص التي يتخبط فيها المستشفى الاقليمي بتاوريرت ومعه المستشفيات الجهوية بوجدة التي تتماطل في استقبال الحالات الحرجة و التي تحال عليها من مدينة تاوريرت، كانت سببا حسب بيان للجمعية المغربية لحقوق الانسان فرع تاوريرت في ” وفاة شاب في مقتبل العمر قبل ايام ، بعد ان نقل في وضع صحي حرج الى المستشفى الاقليمي بالمدينة ثم بعدها الى المستشفى الجامعي بوجدة حيث لفظ انفاسه الاخيرة ” .

 

حادث وفاة الشاب “ايمن الوافي” الذي يبلغ من العمر 22 سنة والذي قضى نحبه بسبب اصابته بمسمار في ورش بناء على مستوى قدمه اليسرى، وكذا ارتفاع ضغط مرض السكري لديه الى 5 غرام ” حسب ايفادات اسرته ، فقد ” ترك على اسِرّة المستشفى الاقليمي لتاوريرت لمدة ثلاثة ايام بعد امتناع المستشفى الجامعي من استقباله بدعوى توفر المستشفى الاقليمي على طبيب مختص في داء السكري و الغدد”.

 

و تضيف ايفادات والد الضحية انه “بالرغم من تقديم الاسعافات الاولية الممكنة من طرف طبيب المستعجلات و الممرضين ، الا ان الحالة الصحية للضحية استمرت في التدهور بشكل سريع و خطير، و مما زاد الوضع استفحالا هو تواجد الطبيبة المختصة بداء السكري و الغدد في رخصة – حسب مسؤولي المستشفى – و عدم توفر المعدات الاولية لعلاج مثل هذه الحالات ” يضيف المصدر

 

و اشارت الجمعية المغربية لحقوق الانسان التي كانت تتابع عن كثب وضعية الشاب ونقلا عن والده ” انه بالرغم من الحاح والد الضحية على نقل ابنه الى المستشفى الجامعي بوجدة ، الا انه لم يتم الاستجابة لذلك بالمبرر السابق ذكره و بسبب عدم توفير سرير شاغر كما يحدث مع عدد من الحالات الاستعجالية ليبقى بعدها الشاب عرضة للسكتة القلبية ، ثم لينقل بعد ذلك الى المستشفى الجامعي في اليوم الموالي ، حيث بقي في العناية المركزة لمدة 26 ساعة ، الى ان توقفت خلالها معظم اعضائه عن الحركة قبل ان يفقد الشاب ايمن حقه في الحياة”.

 

 

الواقعة ستفتح من جديد الباب على الكثير من الاسئلة التي تبقى عالقة حول من يتحمل المسؤولية فيما يحدث في ظل استمرار الوفيات بتاوريرت بين النقص الحاد في الاطر الطبية والتجهيزات الضرورية في المستشفى الاقليمي وبين امتناع المستشفيات الجهوية بوجدة من استقبال الحالات الحرجة.

 

في هذا الصدد أصدرت الجمعية المغربية لحقوق الانسان عقب حالة الوفاة هذه والتي تراها “غير عادية ” ، بيانا تدق فيه ناقوس الخطر حول الواقع المزري الذي يعيشه القطاع الصحي العمومي بالاقليم بسبب ما وصفته ، “قلة الاطر و المعدات الطبية التي يعاني منها. مشيرة في ذات البيان الذي تتوفر شمس بوست على نسخة منه ” ان هذه الوفاة ما كانت لتحدث لو توفر المستشفى الاقليمي بتاوريرت على المعدات و الاطر الطبية المختصة و لو لم يمتنع المستشفى الجامعي بوجدة عن استقبال الشاب المتوفى”

 

وطالبت الجمعية في بيانها بناء على هذه الواقعة بفتح تحقيق عاجل و نزيه في ظروف وفاة الشاب ، و محاسبة كل من ثبت تسببه فيها ، وكذا التعجيل بإيجاد حل للحالات المستعجلة التي يتطلب نقلها الى المستشفى الجامعي بوجدة و عدم التدرع بمحدودية توفر الاسرة .

 

كما طالبت كذلك ببناء مستشفى اقليمي يتماشى و متطلبات و حاجيات ساكنة الاقليم مع توفير المعدات و الاطر الطبية المختصة بالمستشفى الاقليمي بتاوريرت.

 

وفي هذا السياق كانت شمس بوست قد تطرقت في وقت سابق الى المشاكل الكبيرة في التنظيم الذي يتخبط فيه المستشفى الاقليمي بتاوريرت بعلاقته مع المستشفى الجامعي بوجدة الذي من المفترض ان يستقبل اي حالة حرجة قادمة من مدينة تاوريرت دون انتظار الموافقة التي تصل في بعض الاحيان الى ازيد من ثلاثة ايام وهو ما يزيد من خطورة الوضع الصحي للمريض الذي يحتاج الى تدخل عاجل في الاصل.

 

وحسب ما كان قد كشف عنه مصدر طبي بالمستشفى بتاوريرت للموقع، فان نفس المشاكل تتكرر دائما مع المرضى الذين “نضطر الى احالتهم على المستشفيات الجهوية بوجدة، اذ لابد ان ننتظر الموافقة من المستشفى الجامعي بوجدة حتى وان كانت حالتهم حرجة “.

 

وفي هذا الصدد كشف عدد من النشطاء بالمدينة للموقع ” ان المدير الجهوي للصحة سبق وان التزم في محضر رسمي (تتوفر شمس بوست على نسخة من محضر الالتزام) بمقر عمالة تاوريرت امام مسؤولين محليين واقليميين بالاضافة الى النشطاء باستقبال اي حالة مستعجلة من مدينة تاوريرت دون انتظار.

 

“وبقي هذا الالتزام مجرد حبرا على ورق ، ولم يفي المسؤول الجهوي بوعدوه ، اذ لا زالت نفس المشاكل تتكرر ” يتابع هؤلاء ” وهو ما يدفع المواطنين للاصطدام في اكثر من مرة بالاطر الطبية بالمستشفى الاقليمي لتاوريرت”.

 

ولوح نشطاء المجتمع المدني بالمدينة بناء على ما سبق بالإقدام على خطوات احتجاجية وصفوها بغير المسبوقة في حالة استمرار ما اعتبروه” التماطل الغير المبرر في التعاطي مع الحالات المرضية المستعجلة التي تحال من مدينة تاوريرت على المستشفيات الجهوية بوجدة ، وكذا عدم تجهيز المستشفى الاقليمي بالاجهزة الضرورية وتوفير الاطر الصحية الكافية.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)