الحلويات و”الشهيوات” تنقذان فران الحومة من الإفلاس خلال شهر رمضان

 

شكلت الأفران الشعبية، أو ما يصطلح عليه لدى العامة بـ “فران الحومة” وعلى مدى عقود طويلة من الزمن بمختلف المناطق المغربية، ملاذا مفضلا لكافة الأسر لطهي الخبز.

 

و ظلت الموائد المغربية لا تحلو بدون خبز ساخن مطهو تحت نار حطب فران “الحومة”.

 

ولم يكن يخلو حي من مدننا من فرن تقليدي يتولى مهمة طي الخبز لكافة الساكنة.

 

و يبدأ هذا المرفق في العمل منذ الساعات الأولى من الصباح حتى ساعة متأخرة من الليل وعلى مدار السنة.

 

مرت السنين والأعوام وانتشرت المخابز العصرية، ودخلت الأفرنة الغازية والكهربائية البيوت.

 

ولم تعد الموائد المغربية تكترث لوجود الخبز الساخن المطهو في الفرن التقليدي، ولم يعد فران الحومة ذلك الفضاء الذي يلتقي فيه الكبير والصغير، ولم يعد ذلك المكان الذي تتداول فيه أخبارالناس.

 

هيبة الفرارني

 

فقد المعلم “الفرارني” هيبته ومكانته الإجتماعية، ولم يعد يحظى باهتمام السكان كما كان من قبل، لما كان يتحكم في مصير إشباع بطونهم بخبز ساخن.

و ظلت هذه الشخصية، وعلى مدى عقود من الزمن تلعب دورا محوريا وأساسيا في المنظومة الإجتماعية، فالمعلم الفرارني شخصية معروفة ووازنة داخل ساكنة الحي بحكم معرفته الدقيقة بأحوال الناس الإجتماعية والإقتصادية.

 

الكساد يغلقها

 

موقع “شمس بوست” قام بجولة ببعض الأفرنة التقليدية بمدينة وجدة، ونقل لكم بعض الأجواء التي تعيشها هذه المرافق خلال شهر رمضان الكريم.

 

عن لسان المعلم الفرارني، وعن لسان مواطنين مازالوا مرتبطين بفران الحومة رغم توفرهم على أفرنة داخل بيوتهم، ورغم الإنتشار الواسع للمخابز العصرية التي توفر مختلف الفطائر من خبز ومشتقاته.

كثيرة هي الأفرنة الشعبية التي كانت إلى وقت قريب تعج بالحركة بالمدينة الألفية، أعلنت إفلاسها وأغلقت أبوابها وغير أصحابها نشاطهم الحرفي بنشاط تجاري آخر، ولمعرفة الأسباب والدوافع التي أجهزت على مرافق خدماتية ظل وجودها خلال فترات زمنية معينة ضرورة ملحة.

 

كانت الساعة تشير إلى حوالي الخامسة مساء، حركة غير عادية يعرفها الحي الحسني “كولوش” سابقا، صراخ الأطفال يتعالى في زقاق الحي، أصوات جمهورية، تنبعث من ملعب القرب أين يقام دوري رمضان، وجوه شاحبة لشيوخ في الزاوية المقابلة يتبادلون أطراف الحديث في إنتظار موعد آذان المغرب، فيما بعض الأطفال يحملون فوق رؤوسهم ألواحا خشبية بها عجائن ملفوفة بمناديل من ثوب.

 

وأخرى عبارة عن صحون قصديرية ذات أشكال دائرية ومستطيلة هكذا يبدو الطريق نحو فران “الحاج التومي” في ذلك المساء.

 

من داخل الفرن

 

جو ساخن يسود الفضاء، المعلم” الحبيب” وسط حفرة يداعب “الطراح” والعرق يتصبب من جبينه، وهو يستقبل زبناءه بابتسامته المعهودة.

 

وبمجرد ما شرعنا في الحديث، عن تاريخ الأفرنة الشعبية، حتى وضع “الطراح” من يده وشرع يسرد لنا حكاياته ومغامراته داخل الأفرنة التي اشتغل فيها.

 

تحدث عن الدور الكبير الذي كانت تلعبه هذه المرافق، ووقف كثيرا عن القيمة الإجتماعية الذي كان يحظى به المعلم الفرارني، قبل أن يتنكر له الكثير بعد دخول الأفرنة الغازية والكهربائية البيوت وانتشرت المخابز العصرية في كل أرجاء المدينة.

 

“اشتغلت في هذا المجال منذ أزيد من 50 سنة أي منذ أن كان عمري 13 سنة، وسأبقى اشتغل فيه حتى مماتي، ببساطة لأنني أحببت عملي ومنحني عملي هذا مكانة خاصة بكل الأماكن التي واشتغلت بها تعرفت على أناس كثر من مختلف الشرائح الاجتماعية، وكنت أحظى باهتمام خاص من قبل الجميع وظل الوضع على حاله حتى نهاية القرن الماضي” يقول لحبيب وهو “طراح” في فران كولوش.

 

وأضاف أنه “بعدما اجتاحت الأفران المنزلية وأصبحت غالبية الأسر تعتمد في تغذيتها على الخبز الجاهز الذي أصبحت توفره المخابز العصرية المنتشرة في كل أرجاء المدينة، الأمر الذي دفع بالعديد من أصحاب الأفرنة التقليدية إلى إغلاق محلاتها وتغيير أنشطتهم الحرفية بأنشطة أخرى”.

الحلويات والشهيوات.. المنقذ

 

أصبحت غالبية الأسر المغربية خلال شهر رمضان، لا تعتمد بشكل أساسي خلال وجبة الإفطار على الخبز كمادة أساسية كما كان في السابق يقول المعلم “الحبيب”، إذ أن غالبية الموائد تحتوي على مواد غذائية متنوعة من قبيل الحلويات والتمور والعصائر وغيرها.

 

و يتم الإعتماد على الخبز وفق نفس المصدر، بشكل كبير خلال وجبة السحور، “وضع أزم من مدخولنا خلال هذه الشهر، ولا نتنفس الصعداء حتى الأيام الأخيرة من هذا الشهر حيث تشرع الأسر في تحضير الحلويات التقليدية استعدادا لعيد الفطر” يضيف الحبيب.

 

و يتحتم على الأسر التعامل مع فران الحومة لضمان طهي جيد للحلويات، الأمر الذي ينقذنا من إفلاس حقيقي طيلة هذا الشهر الفضيل.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)