التاريخ يعيد نفسه بمجلس وجدة..الأغلبية “تأكل” حقوق المعارضة بالمكشوف

يبدو أن التاريخ يعيد نفسه من جديد بمجلس وجدة، فبعد واقعة اسناد رئاسة لجنة الشراكة والتعاون في المجلس السابق لعضو لم يعد محسوبا على المعارضة بعد اعلانه تغيير انتمائه السياسي، وهي الواقعة التي انتهت بتجريد هذا العضو من عضويته بالمجلس، أعاد مجلس مدينة وجدة السيناريو أمس وان باختلافات بسيطة.

جرت أمس بمقر الجماعة، خلال الجلسة الثانية من دورة أكتوبر، عملية تشكيل اللجان، وانتخاب رؤسائها ونوابهم، وفي الوقت الذي كان الجميع ينتظر أن تمتثل الأغلبية للقانون بالتحديد المادة 27 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، جرى تضييق ولي عنق هذه المادة حتى أفرغت من مضمونها وفلسفتها وفي النهاية إقصاء المعارضة من نيل حق رئاسة اللجنة التي نصت المادة على أن رئاستها تؤول إليها.

 

أخطاء إدارية

 

قبل الشروع في عملية تشكيل اللجان، استغرق أعضاء المجلس زهاء ثلاث ساعات في نقاش كان من الممكن تجنبه بإجراء إداري بسيط، والمتمثل في توزيع النظام الداخلي عليهم.

فالنظام الداخلي الذي استوفى الأجيال ليكون ساري المفعول قبل 24 ساعة من عقد جلسة أمس، لم يوزع حتى خاض الأعضاء في نقاشات مستفيضة، حيث بادر أعضاء في المعارضة منذ البداية إلى المطالبة بضرورة توزيع النظام الداخلي، كما جاء على لسان رشيد الهلالي عضو حزب العدالة والتنمية وشكيب سبايبي عضو حزب الاشتراكي الموحد ونور الدين لزرق عضو تحالف فدرالية اليسار الديمقراطي وحسن الشتواني عضو الاتحاد الدستوري، وغيرهم من الأعضاء الذين رفعوا أصواتهم عاليا بضرورة تمكينهم من النظام باعتباره مؤطرا لعمل جلسة تشكيل اللجان.

ورغم محاولات الادارة في شخص المدير العام للمصالح، محمد اليوسفي تبرير عدم توزيع النظام الداخلي في الوقت المناسب، إلا أن الأعضاء المعنيون اعتبروا ذلك ضعفا في عمل الإدارة بل استهتارا، وعبثا.

وطالب الأعضاء من الرئيس بضرورة تنظيم عمل الإدارة وتمكين الموظفين من الوسائل اللازمة لإنجاز أعمالهم كما يجب.

بل حتى بعض الأعضاء في الأغلبية وضمنهم إدريس أقديم نائب الرئيس، ومحمد بنداود، نائب كاتب المجلس ساروا في نفس الاتجاه واقروا بحق أعضاء المجلس بضرورة التوصل بالوثيقة المعنية في الوقت المناسب ليتمكن الجميع من مواكبة أشغال الجلسة.

بل حمل أقديم المسؤولية الكاملة للمدير العام للمصالح بهذا الخصوص، خاصة عندما قال الرئيس بأنه لم ينبهه أحد من الأعضاء لهذا الأمر، وتدخل بعض الأعضاء محملين المسؤولية للمكتب بما فيهم نواب الرئيس.

واقعة اللجان

 

بعد استغرق نقاش “النظام الداخلي” ساعات طوال، شرع المجلس في دراسة تشكيل اللجان، حينها بادر بعض الأعضاء الذين اصطفوا في المعارضة وحتى من الأغلبية إلى مطالبة الرئيس بالإفصاح عن اللجنة التي تقترحها الأغلبية لتسند رئاستها للمعارضة.

بعد أخذ ورد مع رئاسة المجلس، تم اقتراح لجنة الشراكة والتعاون لتكون هي لجنة المعارضة، وهنا حضر نقاش من هي المعارضة في المجلس، لتقديم مرشح لهذه اللجنة، قبل أن يتوافق المجلس على منح بعض الوقت لأعضاء المجلس المحسوبين على المعارضة للتوافق بشأن مرشح لهذه اللجنة.

بعد مشاورات الأحزاب التي تصطف في المعارضة وهي العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي وتحالف اليسار الديمقراطي والاشتراكي الموحد والاتحاد الدستوري، توافقوا على تقديم أسماء مسرة من العدالة والتنمية مرشحة لرئاسة هذه اللجنة.

وبعد رفع الجلسة لصلاة الجمعة، شرع المجلس في حدود الساعة الثالثة في تشكيل اللجان وانتخاب رؤسائها ونوابهم، وبعدما تمت عملية تشكيل اربعة لجان، احتدم النقاش حول لجنة المعارضة.

احتدام النقاش سببه تقدم محمد الدراز عن الحركة الشعبية لرئاسة هذه اللجنة، والذي اعتبر نفسه أيضا محسوب على المعارضة، رغم أن الأعضاء المنتمين للأحزاب الخمسة الأخرى التي اصطفت في المعارضة أكدت بأن الدراز لا يمكن ان يحسب على المعارضة بالنظر إلى أنه صوت لصالح الرئيس خلال جلسة تشكيل مكتب المجلس.

وتحجج الأعضاء بكون المعارضة تفرز في هذه الجلسة، وانه ليس من المنطق ولا من القانون والاخلاق اعتبار عضو صوت لصالح الرئيس في المعارضة، وتسائل بعضهم ماذا تغير في ظرف أسبوعين حتى يصطف العضو المعني في المعارضة بعدما صوت لصالح تشكل الاغلبية.

وساندهم في هذا الطرح عدد من الأعضاء المنتمين لأحزاب الأغلبية وبالخصوص مصطفى السالمي من حزب التجمع الوطني للأحرار.

أكثر من ذلك أدلى العضو إسماعيل زكاغ، عن حزب العدالة والتنمية باجتهاد قضائي فصل في وقت سابق في مفهوم المعارضة داخل المجلس.

ومما جاء في قرار القضاء الإداري “ أن الجهة المعارضة في مفهوم المادة 27 وهنا يتحدث عن القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، أثناء تشكيل اللجان الدائمة للمجلس، ينبغي أن تتحدد في ضوء المعيارين المستند إليهما، الأول هو أن تكون غير ممثلة في الأجهزة المسيرة المنتخبة من غير اللجان، بمعنى ألا يكون أحد أعضائها منتخبا في مكتب المجلس الذي يتكون من الرئيس ونوابه وألا يكون منتخبا باعتباره كاتبا للمجلس أو نائبه، والثاني ألا يكون أعضاء هذه المجموعة من المساندين للأحزاب الممثلة في الأجهزة المسيرة عند انتخابها”.

ولذلك يضيف الحكم فكل حزب صوت أعضاؤه لصالح رئيس المكتب أثناء انتخابه وصوتوا بعد ذلك على لائحة ترشيحات النواب التي تقدم بها وعلى الكاتب ونائبه اللذين تقدمت بترشيحهما الأغلبية اعتبر خارج المعارضة، بالرغم من عدم تحقق تمثيليته في الأجهزة المسيرة.

وبعد اصرار الدراز على الترشح لرئاسة اللجنة، ورفضه أي مساع جديدة لعقد جلسة بين مكونات المعارضة للتوافق بشأن هذه اللجنة وهو المقترح الذي تقدم به محمد بنداوود، لرئاسة المجلس، أكدت الأحزاب الخمسة عبر مداخلات عدة أن مرشحها تم تحديده وأن أي مرشح آخر هو مرشح الأغلبية، واستنكروا على الأغلبية أن تهضم حقوق المعارضة بهذه الطريقة التي وصفها البعض بـ”الإخراج الرديئ”.

وبعد التصويت على رئيس هذه اللجنة، والذي آلت نتيجته لصالح محمد الدراز، قرر أعضاء الأحزاب المعنية وعددهم 14 عضوا الانسحاب من الجلسة، في الوقت الذي استمر المجلس في عقد جلسته وانتخاب أعضاء المجلس الممثلين له في الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء.

هذا ومن المقرر أن تتقدم الأحزاب المعنية بطعن أمام المحكمة الإدارية بوجدة، لإسقاط اللجنة المعنية وإعادة تشكيلها من جديد من أحزابها التي تصف نفسها بأنها أحزاب المعارضة الحقيقية.

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)