هل يتحول أخنوش إلى الرجل “الخارق” بقيادة الحكومة و جماعة أكادير؟

كما هناك أشخاص يتمتعون بطاقات بدنية خارقة، تمكنهم من جر الشاحنات والحافلات، وحمل أوزان كبيرة، بل ومنهم من يتناول مواد مضرة دون أن تؤثر فيهم، يبدو أن للسياسة “خواريقها” أيضا.

 

لعل المثال الحي عن رجل السياسة الخارق، هو رئيس الحكومة المكلف عزيز أخنوش، والذي يستعد في الأيام القليلة المقبلة، للكشف عن تشكيلة الحكومة التي سيقودها للسنوات الخمسة المقبلة.

 

بالاضافة إلى كونه رئيسا للحكومة، أنتخب أخنوش اليوم رئيسا لجماعة أكادير، واحدة من أكبر الجماعات من حيث عدد السكان في المغرب، حيث يقارب سكانها نصف مليون نسمة.

 

يتذكر الجميع كيف أن عدد من وزراء الحكومة السابقة، ووجهوا بانتقادات لاذعة لجمعهم بين مسؤوليتهم الحكومية ورئاسة المدن، كما هو الشأن للوزير عزيز رباح، الذي بالإضافة إلى كونه كان وزيرا، ترأس أيضا جماعة القنيطرة، بل هناك من استهجن الجمع بين العضوية في مجلس النواب ورئاسة المدن.

 

وإذا كان الجمع بين عضوية مجلس النواب وبعض المدن/الجماعات الكبرى التي يتجاوز تعداد سكانها 300 ألف نسمة لم يعد ممكنا بقوة القانون، بعد التعديلات الأخيرة التي طرأت على القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات ومجلس النواب وعموم المنظومة الانتخابية، وفق فلسفة التفرغ للشأن المحلي والبرلماني، فإن ذلك لا يسري على الجمع بين المسؤولية الحكومية ورئاسة المدن.

 

دون الخوض في الإعتبارات الظاهرة، والتي قد تكون خافية أيضا، والمتحكمة في جمع أخنوش بين المهمتين، لابد من طرح بعض الملاحظات والإشكاليات التي تطرح نفسها بقوة الواقع وحتى المنطق.

 

1ـ الجمع بين المسؤوليتين، يقتضي التوفيق بين مسؤولية أخنوش كممارس للسلطة التنفيذية في إطار الحكومة، ومسؤوليته كرئيس جماعة، حدد لها القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات عدة إختصاصات، منها الاختصاصات الذاتية والاختصاصات المشتركة، وهي الاختصاصات التي يمكن أن تمارسها الجماعة في إطار عقود الشراكة والاتفاقيات مع الحكومة.

وهنا لابد من طرح هذا السؤال البديهي، هل من الممكن التوفيق في هذا الجانب بين المسؤوليتين، في ظل ما تتطلبانه من التزام وحضور وحتى وقت، رغم ما قد يثار في هذا الإطار من تفويضات يمكن إسنادها لنوابه العشرة في الجماعة؟

التجربة أثبتت أن عامل الزمن لم يكن يسعف الأشخاص الذين جمعوا بين المسؤوليات الانتدابية، وهو ما ينعكس سلبا على الأداء، وهو الأمر الذي دفع لا محالة المشرع إلى سن مقتضيات التنافي بين عضوية مجلس النواب ورئاسة المدن الكبرى.

 

2ـ رئيس الحكومة، هو ممثل الدولة أمام القضاء، ورئيس الجماعة هو ممثلها أمام القضاء أيضا، والحالة هذه، فإن طبيعة العمل الجماعي بالخصوص يمكن أن ينتج عنه خصومات قضائية بين الجماعة والدولة، فهنا يطرح إشكال حقيقي، بين الجهة المدعى عليها والمدعية، والتي لا تمثلها بقوة القانون سوى جهة واحدة.

 

3ـ العمل الحكومي، يقتضي التجرد والعمل على تنزيل المقتضيات المتعلقة بالتوزيع العادل للاستثمارات، وبالخصوص الاستثمارات العمومية، وهنا لابد من من التساؤل عن الضمانات التي لن تدفع أخنوش إلى التأثير في توجيه استثمارات للجماعة التي يسيرها على حساب مدن وجماعات أخرى، يجب أن تحظى هي الأخرى بالقدر نفسه من الاهتمام والاستثمار.

 

الدفع دائما بالمنطق “القانوني” قد لا يسعف في حل الكثير من الإشكالات العملية المطروحة خاصة في مستوى موضوع هذه المادة، لذلك المنطق السليم يقتضي أن يستقيل أخنوش من مهامه كرئيس للجماعة، لضمان الحد الكافي من التجرد في العمل الحكومي.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)