نظام عسكر المرادية وحكومة تبون وتحريض الشعب الجزائري ضد المغرب

يبدو أن “موقف” البعثة الدبلوماسية المغربية في نيويورك تجاه “قضية القبائل” في الجارة الجزائر، قد أثبتت لمن كان يحتاج لمزيد من الأدلة، أن النظام العسكري الجزائري وعبر آلياته المتعددة ومن ضمنها “نخبته” المتجاوزة في الداخل قبل الخارج، جعل من عدائه للمغرب قاعدة وثابتا من ثوابت استمراره.

 

منذ الساعات الأولى، التي أعقبت ما طرحته البعثة الدبلوماسية المغربية، والألة العسكرية الجزائرية، ماضية في إنتاج خطاب كراهية مقيت اتجاه المغرب، سواء عبر الأحزاب التي فقدت استقلاليتها ومنحت مفاتيح مقراتها لجنرالات قصر المرادية، أو الاعلام الذي لا يخفى على أحد اليوم كيف تتحكم فيه هذه الآلة التي تغدق عليه بأموال الجزائريين.

 

في الحقيقة لا يتسع المجال هنا لاستعراض تلك المواقف المعادية، إذ يكفي إطلالة قصيرة على بعض صحف النظام الجزائري، وبيانات بعد أحزابه ومؤسساته الهلامية، حتى يكتشف المتابع البسيط قبل الحاذق والعارف بمجريات الأمور حجم الخطاب المسموم الذي تحاول الألة العسكرية بثه وسط المجتمع الجزائري.

 

حجم هذا الخطاب الذي يقدم من باب “حماية اللحمة الوطنية ضد أطماع الأعداء وفتنهم”، يخفي في الحقيقة عجزا ظاهرا وبينا يعتري الآلة العسكرية، إذ لا يمكن فهم هذه “السعرة” الواسعة، سوى كونها محاولة لإنتاج أكبر عدد من المحتوى الذي يمكن أن يستهلكه المواطن الجزائري، أملا في تغيير موقفه وتحييد إنتباهه وانشغاله بقضيته الأولى، قضية الكرامة والانعتاق من براثين الفساد والاستبداد وهي المساعي التي يحاول تحقيقها عبر الحراك الشعبي.

 

هذا الكم الهائل من الخطاب المعادي، والجزائر تعيش على وقع أزمات اجتماعية واقتصادية وحتى سياسية خانقة، لا يمكن وضعه إلا في خانة، البحث عن مخرج للمأزق الداخلي الذي لم يعد له من مخرج سوى رحيل النظام بعسكره وآلياته من حكومة تبون وغيرها من أليات تثبيت وجوده.

 

هذه الحملة ولأنها مفضوحة يمكن كشف خيوطها ومراميها، لم يكن لها أي أثر يذكر وسط الشعب الجزائري، الذي يدرك بفعل تواتر الأعمال والأفعال المشابهة، أن نظامه لم ولن تكون يوما مصلحته هي الدفاع عن مصلحة الجزائر بقدر ما للأمر علاقة بالحفاظ على مصالح جنرالات الزيت والسكر!

 

قد يقول قائل، أن “الديبلوماسية” المغربية، منحت فرصة من ذهب لنظام كان يبحث عن مخرج ومشجب يعلق عليه تحلل مفاصل الدولة، وتفككها لصالح طغمة عسكرية، لكن لابد من استيعاب درس الزمن جيدا في مواجهة هذا النظام الذي فشل في ضمان أساسيات الشعب الجزائري من حليب وسكر وزيت وحتى ماء.

 

النظام الجزائري، ظل على الدوام يستعمل قضية الصحراء المغربية، كواحدة من آليات ضمان استمراره وبسط سيطرته على مفاصل الدولة الجزائرية، من خلال دعم جبهة “البوليزاريو”، وخلق حالة من “التأهب” الزائف لمواجهة الخطر الخارجي.

 

ثم إن التحول الذي يعرفه المغرب في الدفاع عن مصالحه، خاصة بعد الانتصارات الديبلوماسية التي حققها، تجعل منه بشكل بديهي ومنطقي، دولة تبحث عن ضمان هذه المصالح والدفاع عنها بمنطق التعامل بالمثل، ومها ظهر هذا المنطق غير صائب بالنسبة للبعض، إلا أن تجربة المهادنة طوال عقود لم تفضي إلى نتيجة، ويضيع المغرب في فرص حقيقية للتحول التنموي الشامل، وبالتالي كان من اللازم أن يذوق الجيران طعم المرارة علهم يعودون إلى جادة الصواب.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)