ماء العينين تكتب عن الصراع بين “النخب التقليدية” داخل الحزب و”الشباب الغاضب”

في ما يلي تدوينة لأمينة ماء العينين، البرلمانية والقيادية بحزب العدالة والتنمية، كما نشرتها على صفحتها على موقع “فايسبوك”:

بعد دورة المجلس الوطني الأخير، لازلت أتابع تفاعلات النقاش داخل الحزب، وهو ما يستدعي تسجيل ملاحظات تحتاج الى متابعة وتفكير:

– تسجل مجموعة من النخب التقليدية داخل الحزب بطريقة مستمرة غضبها وامتعاضها من تفاعل شباب الحزب وحدة نقدهم لاختيارات وقرارات يعتبرون أنها غير سليمة، وقد تعددت المطالب بالتوقف عن التدوين والانتقاد خارج مؤسسات الحزب. هنا لابد من الإشارة الى أن المطالبين بوقف التدوين في مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات التواصل السريع، إنما هم واهمون لأن الزمن لا يعود للوراء، ولأن محاولة ضبط هذه الوسائل اختيار غير واقعي. ويظل البديل هو المزيد من التواصل ومحاولة إنتاج أطروحات مقنعة، مع استيعاب شباب الحزب الغاضب وعدم التفريط في طاقات وكفاءات كبيرة تتسم بالذكاء وقدر كبير من التسييس والتعبئة والانخراط، لمجرد تنامي السخط من طريقة تعبيرها عن آرائها.

– تتسع الهوة يوما بعد يوم بين جيل من قيادة الحزب تجاوز الستين والسبعين سنة، وبين شباب العشرينات والثلاثينات، وهو أمر وجب الانتباه إليه. فالتشبيب يعاني من حالة انسداد، كما أن عملية التنخيب وإعداد الخلف تعاني من أعطاب يكرسها النموذج التنظيمي الذي يحتاج الى مراجعة، ذلك أن تقييما بسيطا لنموذجنا التنظيمي الحالي يقودنا الى خلاصة تتكرر دائما: لا يوجد بديل عن فلان، ولا يوجد بديل عن فلانة…هذه الخلاصات تعكس حالة نفسية عامة لا علاقة لها بالواقع، لأن البديل موجود دائما. كما أن لا أحد لا يمكن تعويضه أو تعذر الاستمرار بدونه. النماذج التنظيمية والمسطرية الناجحة هي تلك التي تستطيع إفراز أكثر من بديل في الوقت نفسه، مع الدفع المستمر بالشباب لتعويض الشيوخ، فلا أحد يولد عارفا أو مجربا.

لابد من التذكير أن قيادات الحزب ” التاريخية” التي تدفع اليوم بتهور الشباب وصغر سنهم وعدم تجربتهم، هي نفسها التي قادت الحركة الاسلامية وهيئاتها وأذرعها الجمعوية، وقادت تحولاتها الفكرية والسياسية تجاه النظام وتجاه المجتمع وقضاياه الشائكة وهي في سن شابة بين العشرينات والثلاثينات.

أكرر دائما مازحة لمجموعة من أصدقائي الشباب الذين يتحدثون بنفس لغة ومنطق بعض شيوخ الحزب أن هؤلاء لم يتبنوا هذا المنطق إلا بعد مسار طويل، وبعد الوصول الى مواقع تفرض إكراهات غير مفروضة على هؤلاء الشباب الذين يُفترض أن يكون منطقهم وسلوكهم السياسي ومواقفهم السياسية مختلفة.

الخلاصة أن الحل لا يكمن في تبني منظور استئصالي تجاه الشباب الغاضب أو خلق العداوة معه وجعله خصما وهميا داخل الحزب، الحل يكمن في مقاربات استيعابية بالمعنى الايجابي، قوامها التواصل والانصات والنقد الذاتي والكثير من التواضع والاقرار بالأخطاء عند وجودها، ففي السياسة لا أحد منزه عن الأخطاء مهما كان موقعه ومهما كانت تجربته.

شخصيا، أحرص على مجالسة الكثير من شباب الحزب بطريقة منتظمة خارج الاطار التنظيمي الرسمي، علما أن الكثير منهم غير راض عن مسار الحزب واختيارات قيادته الحالية، وهو أمر اعتبره عاديا وديمقراطيا. أنصت إليهم وأستفيد منهم وأشعر بالكثير من الاعتزاز بوجود أمثالهم داخل الحزب.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)