“التقدم والإشتراكية” يقدم مقترحاته لما بعد “كورونا” وهذه تفاصيلها

ركزت مقترحات حزب التقدم والاشتراكية لخطة إنعاش الاقتصاد الوطني لمرحلة ما بعد جائحة كورونا، على ثلاثة محاور تهم بلورة مخطط اقتصادي للإنعاش، والقضاء على الهشاشة والفقر وإعمال العدالة الاجتماعية، وتعميق المسار الديمقراطي والبناء المؤسساتي.

وقدم حزب التقدم والاشتراكية مقترحاته، التي استعرضها اليوم الاثنين في لقاء إعلامي عن بعد، تحت عنوان “التعاقد السياسي الجديد”، مؤكدا أنها تتأسس على قناعة راسخة مفادها ضرورة وضع الإنسان في قلب العملية التنموية، وإعادة ترتيب أولويات السياسات العمومية الوطنية، واضطلاع الدولة بأدوار جديدة على مستوى التوجيه والضبط والتدخل المباشر في مجال توفير خدمات اجتماعية أساسية جيدة وضمان الولوج إليها، وفي الأنشطة الإنتاجية ذات الطابع الحيوي والاستراتيجي.

وتروم هذه المقترحات، التي قدمها الأمين العام للحزب، نبيل بنعبد الله، بناء تعاقد سياسي جديد، وتشمل، بشكل متلازم، الجوانب الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والثقافية والسياسية، كما تتضمن ما هو آني وقابل للإنجاز فورا، وما يهم المدى المتوسط، وذلك في أفق أجرأة النموذج التنموي الجديد.

وعرض الحزب، في مستهل اللقاء، مقترحات إجرائية من شأنها أن تساعد البلاد مرحليا وآنيا على التخطي السليم والناجع للفترة التي تعقب مباشرة رفع الحجر الصحي، واقتراحات مواكبة للخروج من وضعية الحجر الصحي، تهم بلورة خطة للدعم والإنعاش الاقتصادي والقطاعي عبر منهجية تشاركية، وتنفيذ إجراءات اجتماعية وصحية مستعجلة لفائدة الأجراء والفلاحين الصغار.

وينبني مقترح بلورة مخطط اقتصادي للإنعاش، بالأساس، على الارتكاز على دور الدولة، من خلال بلورة مخطط استراتيجي مندمج يأخذ بعين الاعتبار الأولويات الجديدة، ويرفق ببرامج عملياتية مضبوطة، وينطلق من التموقع الجديد لسلاسل الإنتاج والتزويد على الصعيد العالمي.

ويتمثل الارتكاز على دور الدولة، حسب وثيقة الحزب، في إرساء أنظمة لتوجيه الإنتاج والاستهلاك، ولمراقبة وضبط وتقنين المنافسة والأسعار والجودة، ولحماية المستهلِك والمُنتَج الوطني، فضلا عن الاعتماد على الاستثمار العمومي لدعم مخططات اقتصادية وصناعية تنموية كبرى وقطاعات حيوية اقتصادية واجتماعية، وتعزيز البنيات التحتية والأوراش الكبرى، وتقوية الطلب العمومي.

وأكدت الوثيقة، في هذا الصدد، على أهمية تعزيز دور الدولة كطرف ضامن للمقاولة الوطنية في علاقة هذه الأخيرة بقطاع التمويل، وفتح المجال لميكانيزمات جديدة أكثر مرونة وتناسبا مع مقتضيات تمويل الاستثمار المبتكر.

من جهة أخرى، اقترح الحزب اعتماد مقاربات مالية وميزانياتية  متجددة، عبر اعتماد عجز ميزانياتي استثنائي لمواجهة الوضعية الاستثنائية الحالية، وإعمال مرونة أكبر في التعامل مع مبدأ صرامة الميزانية، لمدة سنتين على الأقل، والسماح بتمويل احتياجات الميزانية المبررة بالاستثمار العمومي في القطاعات ذات الأولوية أو بإنقاذ مناصب الشغل أو بإنعاش الآلة الإنتاجية.

وشملت اقتراحات الحزب، في هذا الشأن أيضا، مراجعة منظومة الشراكة بين القطاع العمومي والخصوصي لتشجيع الخواص على الإقبال على المساهمة في تمويل المشاريع البنيوية الكبرى، وضمان الوقع الاجتماعي والمجالي للاستثمار العمومي، من خلال مؤشرات دقيقة.

 وفي ما يتعلق بالإصلاحات الجبائية، دعت الهيئة السياسية إلى مباشرة إصلاح جبائي منصف وإخراج قانون إطار للضريبة، من خلال حذف نظام الإعفاءات الضريبية، بعد خمس سنوات من تأسيس المقاولة، سوى بالنسبة لما يتعلق بالأنشطة الاجتماعية، أو التي تكتسي طابع المنفعة العامة، أو بالنسبة للمقاولات غير المستفيدة من احتكار قانوني أو فعلي والتي تسجل زيادات مُحددة في رسملتها الذاتية، بالإضافة إلى تخفيض الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للمواد والخدمات الحيوية، ورفعها بالنسبة للمواد الكمالية، وخاصة منها المستوردة إلى 40 في المئة.

ومن أجل دعم وتمويل المقاولة الوطنية والحفاظ على مناصب الشغل في إطار ميثاق اجتماعي، اقترحت الوثيقة بلورة ميثاق اجتماعي تلتزم فيه المقاولة بالمسؤولية الاجتماعية في الحفاظ على مناصب الشغل وإقرار الحقوق الاجتماعية للشغيلة ومحاربة هشاشة الشغل، وتتعهد فيه الدولة بدعم وتمويل المقاولة وتحسين مناخ الأعمال، بما يتيح شروط سلم اجتماعي بمشاركة فاعلة للنقابات العمالية.

واقترحت أيضا إعادة توجيه القطاع البنكي نحو دعم وإنشاء مقاولات صغرى ومتوسطة في القطاعات المنتجة للثروة ولمناصب الشغل، مع تفعيل ضمانات الدولة، وإقرار تدابير ضريبية تحفيزية لفائدة المقاولة الوطنية التي توفر نسبة إدماج مرتفعة، والتي تساهم في الابتكار وتحسين الإنتاجية، وتحافظ على البيئة.

 ويرتكز التعاقد السياسي الجديد، الذي يتطلع إليه حزب التقدم والاشتراكية، على الاعتماد على الإنتاج الوطني وتفضيله، عبر حماية المنتوج الوطني، وحفز وتشجيع الطلب الداخلي، علاوة على تخفيض نسبة 50 في المئة من حقوق التسجيل على المعاملات العقارية خلال فترة انتقالية تمتد إلى نهاية سنة 2020، وتشجيع إعادة انطلاق سوق الإنعاش العقاري وقطاع البناء، وكذا إطلاق حملة وطنية واسعة لتشجيع استهلاك المنتوجات المغربية.

ويتأسس “التعاقد السياسي الجديد” للحزب، على الحد من الاستيراد المفرط وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجالي التصنيع والفلاحة، باعتماد تطوير صناعي وطني متوازن، يتأسس على دعم قوي للصناعات المعدنية والميكانيكية والإلكتروميكانيكية، في إطار سياسة “ننتج مغربي ونستهلك مغربي”، بغية إحداث مناصب الشغل والحفاظ على الاحتياطي الوطني من العملة الصعبة.

 وتناولت مقترحات الحزب أيضا، اعتماد البعد الإيكولوجي في المسلسل التنموي للحفاظ على الثروات الطبيعية وتطوير الاقتصاد البديل المحترِم للبيئة، بالتحكم في الموارد الطبيعية الوطنية، مع حماية التنوع البيولوجي، بالإضافة إلى إعطاء دفعة أقوى للانتقال الطاقي، ووضع نظام وصندوق لتمويل اعتماد المقاولات على الطاقات المتجددة.

  من جانب آخر، دعا الحزب إلى إعمال الحكامة في المجال الاقتصادي، والقضاء على الهشاشة والفقر وإقرار عدالة اجتماعية ومجالية والنهوض بالثقافة، وتعميم الحماية الاجتماعية الشاملة على جميع الفئات والمهن، في أجل لا يتعدى خمس سنوات، معتبرا أنه يتعين إطلاق عملية تسوية واسعة النطاق للعمال غير المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بهدف الوصول إلى ستة ملايين منخرط، مع تمتيع المقاولات الصغرى بإجراءات التدرج والدعم والمواكبة.

وأبرز أهمية الاستثمار في المدرسة العمومية والتكوين المهني والبحث العلمي، وتحديد الأجندة الزمنية ورصد الغلاف المالي لتفعيل القانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين والبحث العلمي، وجعل الجودة وتكافؤ الفرص في مقدمة أجندة إصلاح التعليم، فضلا عن الرفع من ميزانية التعليم العمومي وترشيد استعمال الوسائل المتاحة.

  وفي الشق الصحي، أكد على ضرورة الارتقاء بالصحة العمومية والمستشفى العمومي، وتسريع عملية تعميم التغطية الصحية، بالإضافة إلى الرفع من ميزانية الصحة العمومية لتصل إلى 10 في المئة من الميزانية في أفق سنة 2022، وكذا الرفع من نسبة التأطير الصحي، وإحداث كليات للطب والمهن المرتبطة به في كل الجهات لتحسين التوزيع المجالي لمهنيي الصحة.

  أما الركيزة الثالثة لخطة حزب التقدم والاشتراكية لإنعاش الاقتصاد، فتتعلق بتعميق المسار الديمقراطي والبناء المؤسساتي، لا سيما عبر تفعيل المبادئ والمقتضيات الدستورية الديمقراطية، وتعزيز الحياة الديمقراطية، في مختلف جوانبها، خاصة في ظرف الأزمة، وترسيخ تلازم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وتقوية دور الفاعلين السياسيين، ورد الاعتبار للعمل السياسي، والتعاقد على حماية المجال السياسي.

 ودعا الحزب في هذا السياق إلى توسيع مجال الحريات وتقوية المجال الحقوقي، وتعزيز الحريات الفردية والجماعية، وكذا حرية الصحافة وتقوية دعم المقاولات الإعلامية، مبرزا أهمية النهوض بالمساواة، والارتكاز على الديمقراطية الترابية والنهوض باللامركزية والجهوية المتقدمة، وإعادة الاعتبار لاختصاصات المجالس الترابية، فضلا عن الارتكاز على إبراز الدور الأساسي للمنتخبين الترابيين في تدبير انعكاسات الجائحة.

 وسجلت وثيقة الحزب، كذلك، وعلى الخصوص، ضرورة تسريع إصلاح الإدارة وإصلاح القضاء، والحفاظ على الأمن الحقوقي والقانوني والقضائي، واعتماد خيار القضاء الرقمي، بالإضافة إلى اعتماد سياسة جنائية تتلاءم مع منطوق وروح الدستور ومع المواثيق الدولية والمتغيرات المجتمعية.

 يذكر أن مقترحات حزب التقدم والاشتراكية تندرج في إطار تفاعل الأحزاب السياسية مع دعوة رئيس الحكومة للتشاور مع الفاعلين السياسيين حول المتغيرات المرتبطة بالظرفية الاقتصادية الوطنية والدولية، نتيجة أزمة “كوفيد 19”.

 

و.م.ع

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)