بعد جدل “تْرابي أخنوش”.. التربية في المدرسة.. لكنكم احتقرتم الأستاذ!

كثيرا ما ينطق اللاشعور كاشفا حقيقة الدوافع الموجهة للفاعل السياسي، وعاكسا واقع الوطنية في بلدنا، الذي يتلذذ ب” ريعه” القلة، فيما الأغلبية تعاني في صمت وعلن.

 

إعادة تربية المغاربة، وتفويض هذه المهمة للمغاربة أنفسهم، كما أكد على ذلك عزيز أخنوش، وزير الفلاحة رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، لايعدو كونه ترجمة للمسكوت عنه في علاقة المسؤول ب” المسؤول عنه”، وتحديدا في من يجمع بين المال والسلطة.

 

وبصرف النظر عن تأويلات الخطاب، وما ينطوي عليه من نزعة سلطوية، فإن مفهوم التربية، وليس ” التْرابي”، يحيل في العمق على فلسفة، وفن، ومهمة تستند إلى شروط ذاتية، وأخرى موضوعية؛ طبعا لا يمكن أن تتوفر هذه الشروط في زعيم سباسي، ولا في من يتفاعل مع خطابه الموجه عموديا، لأن للتربية رجالها يفهمون الغاية منها، ويدركون كل ما تدين به هذه العملية في سبيل بناء الفرد، والمجتمع.

 

في كل بلدان العالم تلعب المدرسة دورا رياديا في التربية، وتهيئ للسياسي، والسياسة، على حد سواء، المواطن، وتمنحهما شروط تفاعله مع خطاب الإصلاح، وفلسفة التغيير التي تنشدها التنظيمات السياسية، وزعماؤها، وهذا التداخل بين المدرسة والسياسة يعني أن تقوية صرح المؤسسات التعليمية، وأعادة الاعتبار لمكوناتها، هو المدخل الأول، والأخير، في كل زمان ومكان، لتحقيق نهضة المجتمع، والرقي به.

 

أما في مجتمع يعيش فيه نساء ورجال التعليم على الهامش، ويُنظر إليهم نظرة احتقار، بل يعتبرون مصدر الشر، وبداية ونهاية فشل كل إصلاح، فإن حصيلته ستكون كارثية، ومآله سيكون، بل كائنا، التخبط، وغياب المعنى، والواقع ناطق بنفسه، وتقارير المؤسسات الرسمية شاهدة.

 

نساء ورجال التعليم قُدوات، وكل محاولة لتمريغ كرامتهم، وتشويه صورتهم، ماديا ومعنويا، هو في الأساس نيل من المدرسة، ومن أدوارها الهائلة، سواء على مستوى التربية، وتمرير القيم والمعاني للمتعلمين، أو على مستوى تأهيلهم معرفيا، وفكريا، بما ينسجم واحتياجات المحيط الاقتصادي والاجتماعي.

 

كان المعلم قدوة، منارة، سراجا يستضاء به، قبل أن يصير موضوعا ل” النكتة”، وتنقلب الأدوار بين سياسي يريد أن ” يربي”، ورجل تعليم يرفع شعار ” اللهم هذا منكر”!

 

في فرنسا دخل الرئيس ماكرون، السنة الماضية، على خط تهديدات طالت أساتذة، وفرض عقوبات قاسية على المشاغبين، في إجراء يروم صون كرامة نساء ورجال التعليم، اعترافا بدورهم، ودور المدرسة في التربية، والتنشئة الاجتماعية.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)