إفتتاحية: هل “ألغى” الوالي الجامعي العمل بالقانون التنظيمي المتعلق بالجماعات؟

 

 

يبدو أن مذكرات وزارة الداخلية، هي أسمى عند الوالي معاذ الجامعي من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، والذي كما يعرف المختصون يندرج ومعه القوانين التنظيمية الأخرى وفق عرف أهل الاختصاص ضمن القواعد القانونية المكملة للوثيقة الدستورية، بل هناك من يرى أنها بشكل أو بآخر ترقى لتكون جزء منها.

 

الوالي الذي توصل أخيرا بشكاية من عضوي الحزب الاشتراكي الموحد، بمجلس وجدة، غيثة البراد وشكيب سبايبي، حول تضارب المصالح الذي وقع فيه عضو أخر بمجلس المدينة، و هو في نفس الوقت عضو في مكتب نادي المولودية الوجدية لكرة القدم، أي النادي الذي صادق المجلس في دروته الأخيرة على دعمه بمبلغ مالي قدره 200 مليون سنتيم، رد (الوالي)، على الشكاية بمنطق أقل ما يقال عنه أنه “مُنكر” حتى للدوريات التي تصدرها وزارة الداخلية نفسها.

 

ففي الوقت الذي ذكّر أخيرا وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، الولاة والعمال، بمقتضيات المادتين 64 و 65 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، حيث تنص الثانية على تضارب المصالح وتنازعها ومفهومها في القانون والأعضاء الذين يمكن اعتبارهم واقعين في ذلك عند ربطهم للمصالح مع جماعاتهم، فيما الأولى حددت المسطرة المتبعة في حالة مخالفة الأعضاء للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل،  ومن ذلك الوقوع في حالة تضارب أو تنازع للمصالح، ففي نفس الوقت إختارات ولاية الشرق سلك “الساهلة”.

 

الوالي يقر في بداية جوابه الموجه للعضوين اللذان اشتكيا له وقوع العضو بمجلس المدينة (المشتكى به) في تضارب المصالح ـ يقرـ من خلال تأكيده في نهاية الفقرة الاولى من جوابه على: “يشرفني أن أخبركم بأن مصالح هذه العمالة قامت ببحث تبين من خلاله أن السيد م ق عضو بمجلس جماعة وجدة كان في نفس الوقت كاتب عام لنادي المولودية الوجدية”.

 

ورغم ذلك الإقرار، لم يلجأ الوالي إلى إعمال المسطرة المطلوبة، كما جرى في العديد من الحالات في عمالات ومدن أخرى والمنصوص عليها في المادة 64، حيث بدلا من ذلك حاول إيجاد مبرر “لحالة تضارب المصالح” بالنبش في رسالة سابقة لوزير الداخلية بتاريخ 5 أبريل 2018، والتي لم تكن سوى رسالة من مصلحة الشؤون القانونية بنفس الوزارة “أفتت” من خلالها بجواز تفويت الدعم شريطة مشاركة العضو المعني في  التصويت والنقاش على المقرر المتعلق بالدعم الموجه للجمعية التي هو عضو فيها.

 

ورغم أن هذا الرأي أثار نقاشا مستفيضا حينه، خاصة من جانب المهتمين والباحثين، لوقوعه في تفسير يتجاوز القاعدة القانونية المنصوص عليها في القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، فإن عمالة وجدة وجدت هذا الرأي صائبا ويمكن أن يشكل مخرجا مناسبا!

 

والحال أن الوالي الجامعي بهذا الرد، لم يلتزم حتى بأخر مذكرة للوزير لفتيت، والتي لم يمضي على صدورها الا بضعة أشهر والتي يمكن أن يفهم منها انها ألغت جميع القرارات والمذكرات التي يمكن التحجج بها لجواز تمرير الدعم للجمعيات الواقع أعضائها في تضارب مصالح مع الجماعات، أليس المنطق يقول بأن اللاحق يلغي السابق في القرارات؟

 

وحتى عندما حاولت الرسالة إقناع العضوين بأن المعني قدم استقالته وهو ما قد يعني عند مصالح الولاية لم يعد واقعا في حالة التنافي، أغفلت بأنها أكدت في بداية الرسالة أن العضو المعني واقع في تضارب المصالح، وهي القناعة التي كونتها خلال إجراء البحث المطلوب وبالتالي بدل إيجاد مخرج بمذكرة بالية كان من اللازم إعمال القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات.

 

بل الأهم حتى هذا القانون، يصبح أمام هذه التبريرات غير ذي أثر، بل وقد يكون غير مجد، إذا كانت سلطة المراقبة الادارية التي يلزمها القانون بتطبيق القانون تلجأ لي عنق هذا القانون، بل اليوم هناك من يتسائل، هل بهكذا تبريرات وتفسيرات يمكن تحقيق “الأمن القانوني” لجميع المواطنين، ويحس الجميع بالمساواة الفعلية أمام القانون؟

 

شخصيا لا أعتقد، وأرى أن هذا الأمر ما هو إلا تكريس للطبقية القانونية إن صح التعبير، بحيث يمكن أن تصبح هذه المضامين ناجزة حالات وفي حالات أخرى ستجد من يجتهد لتبرير الخرق القانوني!

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)