من يوميات عمي إدريس..في ضيافة حرس الحدود الجزائري (الحلقة 1)

استيقظت باكرا كعادتي، جمعت أغراضي توجهت نحو حمام الحي، بعدها عرجت على مقهى لتناول وجبة الفطور، كان الجو معتدلا، سيارات صفراء اللون مركونة على جنبات الطريق، تحمل صفائح جزائرية، تحولت من وسيلة للنقل إلى غرفة للنوم، بعدما تعذر على أصحابها إيجاد غرف لإيوائهم بفنادق المدينة، التي لم يكن بوسعها استيعاب تلك الأفواج البشرية القادمة من الجزائر، تونس ، ليبيا وغيرها من البلدان الأخرى عن طريق المركز الحدودي “زوج بغال”.

إضافة إلى إخواننا المغاربة الذين كانوا يأتون من كل صوب وحدب، حيث تحولت مدينة وجدة لقلعة اقتصادية مهمة ليس على الصعيد الوطني، فحسب بل على المستوى المغاربي.

عدت إلى المنزل، كانت الساعة تشير إلى حوالي التاسعة من صبيحة يوم الأحد، دفعت الباب برجلي أحدث صوتا مزعجا، هكذا هي أبواب المنازل المكتراة للعزاب أو ما يصطلح عليه لدى العامة “الزوفرية”، ولجت البيت.. صديقي لا زال غاطا في نومه.. ينام كثيرا، يتكلم أثناء نومه، لا داعي لإيقاظه لأنه يوم راحة.

وضعت الحقيبة في ركن من البيت بل رميتها، ركبت دراجتي العادية، قصدت سوق باب سيدي عبد الوهاب لشراء “الحوت”، وما يلزمنا من خضر وفواكه وكل ما نحتاجه خلال الأسبوع، فيما يتولى رفيقي أمر البيت لأنه يجيد أشغاله إضافة إلى إتقانه للطبخ.

توجهت نحو السوق المغطاة لاقتناء قنينات من الخمر الأحمر، من نوع الشمس الدافئة “شود سولاي” لف صاحب المحل القنينات في ورق جريدة مكتوبة بلغة موليير، أخفيت القنينات داخل معطفي خوفا من رجال الشرطة لتجنب ذلك السؤال الروتيني من أين اشتريته؟ رغم أن أعينهم تترصدك حينما تدخل إلى المحل ولما تخرج منه.

وجدت صديقي هيأ الفضاء، جمع الأغطية والأفرشة نشرها في السطح لتنال حظها من الشمس، نظف البيت ساعدته في إحضار طاجين” الحوت كان لذيذا وشهيا، كانت القنينات موضوعة تحت الطاولة، أخرج صديقي واحدة منها، فتحها سقا نفسه كأسا من حياتي جاء دوري، وسارت كؤوس الشمس الدافئة تدور بيننا، قيل لنا أنها بدورها تحتاج للفراش وفراشها الأكل لا داعي للقلق فقد التهمنا “طاجين” حوت عن آخره ممزوج بمختلف الخضر.

الوقت عصرا، لا بد أن نغادر البيت إلى الخارج لنقضي الفترة المسائية قررنا اللحظة أن نحتسي قهوتنا في مقهى “المرحلة” بالشريط الحدودي، ركبنا سيارة الأجرة، لا حديث للناس إلا عن صدام حسين وصواريخ السكود والعباس والحسين وعن الصحاف والعلوج الكل كان مع صدام، لإنه ضرب إسرائيل قهر الحلفاء أعاد العزة والكرامة للعرب هكذا كان الناس يتحدثون.
يتبع

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)