البروفيسور ابراهمي: “حان الوقت… لنجرأ علميا و عمليا على تخفيف القيود”

ككل المغاربة… لا أفهم أننا لحد الأن لم نرفع أو نخفف القيود عن مجموعة من القطاعات… وبكل صراحة جارحة، أقول أن هذا يفقدنا بعضا من مصداقيتنا و يطعن في مقاربتنا العلمية…… يجب أن نجرأ على العودة لحياة شبه عادية تدريجيا… نعم أتفق… و علميا… أتفق مع المطالبين بتخفيف القيود… متفق مع فتح المساجد لصلاة العشاء… مع مطالب أصحاب الحمامات… مع أصحاب القاعات الرياضية… مع فتح الملاعب الرياضية…مع الممونين… مع أصحاب السياحة و النوادي و السينمات… بأعداد معقولة … “ماشي بحال” القهاوي و الطوبيسات و المطاعم اللي “مطرطقين”… شوي ديال المنطق… فبعد تجاوز 60 في المئة من الملقحين الذين تتجاوز أعمارهم 12 سنة (20 في المئة من الساكنة) و قريبا 70 قي المئة… أظن أنه بات واضحا أن الأغلبية قد تلقحت و تريد العودة إلى حياة شبه طبيعية… و جل هاته القطاعات و منذ مدة “كتقلب على طرف ديال الخبز” و من حقها “تقلب” بكرامة… فالصحة و الاقتصاد وجهان لعملة واحدة اسمها الكرامة الانسانية… و لنخفف من الحجر الليلي للتقليل من الضغط النفسي و لنبق هكذا مصداقيتنا و مقتاربتنا العلمية الأستباقية… و إلا….

و إلا… فإلى متى؟ و ماذا ننتظر؟

هل ننتظر وصول موجة أخرى لفعل ذالك… أو حتى تتدهور الحالة الوبائية… أو تظهر سلالة جديدة… بنفس المنطق الذي نقبل به التدافع و الزحام في الحافلات … و التجمعات بالمقاهي و المطاعم… لزاما علينا التخفيف و التدرج للخروج من الازمة… بغينا نرجعو للحياة الطبيعية تدريجيا … و لكن كيف ذلك..

التصور…

لن يكون هناك عالم ب”زيرو” كوفيد… كل الدول التي انتهجت هذه الاستراتجية تتراجع عنها… و بما أن المواطن و رغم كل ماقمنا به من تحسيس، لسان حاله يقول لا الكمامة لا للتباعد و نعم للعناق و الاحضان… و أنا أقبل على مضض أن تغيير السلوكيات سيأخذ و قتا طويلا… يجب أن نبني استراتجيتنا على أن الفيروس باق معنا كالانفلونزا و نتعايش معه… فالمطلوب من الجمهور العريض التعايش مع فيروس الكوفيد بالكشف المبكر… و أن لا يطبع مع مرض الكوفيد بفضل العلاج المبكر و احترام البروتوكول الوطني كأداتان مهمتان في يد المواطن… كل هذا حتى تصمد منظومتنا الصحية… إيوا و المنظومة و مشاكلها…
منظومة مبنية على العدالة المجالية…

أفتخر كثيرا بأن منظومتنا الصحية و بفضل أطرنا صمدت في وجه الموجات المتتالية للكوفيد و سلالاته… أي تصور للخروج من الأزمة يجب أن يكون مبنيا على صمودها في مواجهة أي موجة جديدة… و المؤشر الحقيقي الذي يجب أخده بعين الاعتبار عن مدى صمود المنظومة هو نسبة ملأ أسرة الإنعاش ليس فقط وطنيا بل جهويا و محليا… لذا يجب على الأقل إصلاح أحد أكبر عيوبها و التي بدت جليا في الأيام الأخيرة… فمقارنة أعداد وفيات الحسيمة و بني ملال بالرباط تبين أنه بفضل العرض الصحي المتوازن في الرباط، فنسبة الوفيات أقل بكثير من مدن الحسيمة و بني ملال… و هذا يدل على أن تباين العرض الصحي بين مدننا، ربما يكون سببا في عدم صمود المنظومة… و بطبيعة الحال فهذا التباين لا يعود إلى نقص في الاستثمار المادي و لكن لنقص حاد في العنصر البشري… فالبلدان التي ستعيش و تتعايش مع الفيروس هي التي تتوقع أن منظومتها الصحية ستصمد في وجه السلالات بعد تلقيح نسبة كبيرة من الساكنة… هاحنا جينا للتلقيح عاوتني…

استرتيجية مبنية على تحفيز التلقيح و “احتضان” الملقحين و إقناع المتخلفين عنه

تسريع وتيرة التلقيح يبقى السبيل الوحيد للخروج من الأزمة… فلنجعل من دلتا أخر موجة مؤثرة علينا… فاللهم لا حسد…لدينا كميات كبيرة من لقاحات صينية و أمريكية و أوروبية… ناجعة و أمنة للكبار و اليافعين… و بالمجان… إذن… كلنا من أجل هبة تلقيحية…

و لكن أكبر تحد في هذا المجال… هو تلقيح الاشخاص المسنين أو ذوي الأمراض المزمنة الذين تخلفوا عن الجرعة الأولى أو الثانية… و لو بقيت منهم قلة، فهم يشكلون خطرا على صمود المنظومة الصحية… ولو 500 ألف متخلف من هؤلاء، سيضع منظومتنا على المحك… و سيبقى الخطر قائما على منظومتنا الصحية و على توقيت خروجنا من الأزمة… إيوا بقينا هنا… لا
أبدا… فلنجدد العزم و لنتجند جميعا لنترافع و لنحسس و لنقنع هؤلاء… و يجب أن نشتغل على الفئات الهشة صحيا و المسنة الغير الملقحة… فنحن في مركب واحد… و رغم أنه يحبطني و سئمت كثيرا مع “المشككين”… أجد مخاوف بعض غير الملقحين بحسن نية مقبولة و أعود لأجادلهم بالتي هي أحسن… سنشتغل على كل غير الملقحين المغاربة بالمغرب فردا فردا لنقنعهم و الله ولي التوفيق… و أتمنى من هؤلاء أن يتفهموا أن للملقحين حضوة لدينا بفعل انخراطهم الكامل من أجل الوطن … و عليهم أن يتفهموا أن الجواز صار مطلبا لهؤلاء… و ربط تخفيف أكبر و مرونة أكثر بجواز التلقيح… لك حرية الوفاء لقناعتك بعدم التلقيح… و لكن يجب أن نعتني بالملقحين ما داموا هم الأغلبية المتضررة من القيود و بدون سبب…

أوروبا و فرنسا و الجواز الصحي المغربي

وهنا و بكل نزاهة، ففرنسا تعطي المثال الحسن و الأسوء بالنسبة لجواز التلقيح… برافو فرنسا، فرغم تعنت بعض الفرنسيين… ها قد و صلت فرنسا إلى تلقيح 75 في المئة من ساكنتها… فالجواز الصحي في فرنسا مكن من تسريع التلقيح لتصل فرنسا إلا الصفوف الاولى في العالم ….كيباني الفرنساويين حتى هوما كامونيين…

على النقيض من ذلك فبعد اعتراف أوروبا بالجواز المغربي وعشر دول أوروبية بتلقيحنا بسينوفارم… ما زالت تتعنت فرنسا في قبوله… و هنا أفقد كل علمي و “فرنسيتي”… ما لا أفهمه، كيف لجسد ملقح بسنوفارم بالمغرب تختلف وضعيته حسب جنسيته فور وصوله الحدود الفرنسية… حيث تختفي المناعة من أجساد المغاربة و يحتاجون الحجر… و سبحان الخالق، تحتفظ أجساد الأوربيين و المغاربة المقيمين بها بنجاعة لقاح سنوفارم و الذي لقحون به من “فلوس المغاربة”… أي علم و خزعبلات هاته… لم أكن أعرف أن الجنسية و الإقامة تؤثر على الاستجابة المناعية للقاح سينوفارم… ماما فرنسا “زيري” معانا علميا… الله يهديك… و حسب بعض المصادر فإنها تطالب الكثيرين بأخذ جرعة معززة من لقاح مختلف… و على ذكر الجرعة الثالثة…

الجرعة المعززة… و تلقيح الأطفال

تابعت يوم الجمعة و استمتعت كثيرا بالنقاش العلمي للجنة الاستشارية لترخيص اللقاحات للوكالة الامريكية للادوية و الأغدية… و بعد طرح جميع المعطيات العالمية المتوفرة و نقاش دام لساعات، أوصت اللجنة بتلقيح الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا أو أكبر ، وللأشخاص المعرضين لخطر تطوير الحالات الحرجة مهما كان سنهم، إضافة للعاملين في مجال الرعاية الصحية وغيرهم من الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بالعدوى في العمل… و أظن أن اللجنة الاستشارية المغربية قريبا و من أجل الحفاظ على حياة هؤلاء، ستنحو إن شاء الله نفس المنحى قبل طرح الملف على اللجنة الوطنية للتلقيح لأجرأته…

أفتخر كثيرا بانخراط اليافعين في عملة التلقيح… فوصول مليون ملقح يبعث بكثير من الرسائل و منها أننا ربما لن نحتاج لتلقيح الأطفال أقل من 12 سنة شريطة وصول نسبة كبيرة من تلقيح الأشخاص أكثر من 12 و تلقيح المتخلفين و الذي يبقى أكبر تحد نعرفه… وأتمنى بعد ذلك، أن نتمكن من لعب دورنا الإفريقي الكامل بمساعدة إخواننا الافريقيين بالتلقيح للخروج من الأزمة بما لدينا من مخزون و منتوج وطني من اللقاحات الذي هو على الأبواب و قريبا إن شاء الله…

و في الأخير، أظن الخروج من الأزمة إن شاء الله لن يكون بين عشية و ضحاها… و إنما تدريجيا للخروج بسلاسة و بلطف إلى حياة عادية و مغرب أفضل… نعم أحس بأن مغربا جديدا يخرج من رحم هذه الأزمة و المعاناة… وأنا “أخرج اللطيف”، كل يوم، ليحفظ الله هذا الوطن و ملكه و شعبه…

 

بقلم البروفيسور عزالدين ابراهمي

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)