اترك أثرا طيبا وذكرى حسنة بعد موتك

يقال عن الصحافة أنها مهنة المتاعب، أو السلطة الرابعة، كما يحلو للبعض تسميتها، فالصحافة لسان المجتمع، وهدفها الأسمى هو تنويره وصناعة الرأي العام، عن طريق الإخبار والتوجيه ونقل المعلومات و الإفصاح عنها للشعب، بصفتها ممثلة له.

 

فالصحفي، يعتمد أدوات خاصة في عمله الصحفي من أجل الحصول على المعلومة وفحصها بحيث تتحقق لها الدرجة الملائمة من المصداقية، ثم ينقلها للقارئ بالصيغة التي يراها تلائمه، وفي كثير من الأحيان يغامر الصحفي بنفسه من أجل نقل حقائق، يعتبرها حقائق من المستحيل التغاضي عنها، دونما أن يعير أي اهتمام لصحته الجسدية أو النفسية، وفي كثير من الأحيان قد يغامر بحريته وحياته فداء لصاحبة الجلالة.

 

قبل حوالي سنة من هذا التاريخ، قرر الزميل إدريس العولة، وفي إطار عمله الإعلامي، التطرق للإحتجاجات التي كان يعيشها محيط جامعة محمد الأول بوجدة، بين عدد كبير من الطلبة وشركة موبوليس ديف المفوض لها تدبير قطاع النقل الحضري بالمدينة، وحرر الزميل العولة خبرا حول الواقعة، بالإعتماد على حقائق واقعية وصور من عين المكان إلى جانب نقله لتصريحات الطلبة الذين عبروا عن جل غضبهم من الشركة وخدماتها.

 

بعد سنة من تلك الواقعة، تم إستدعاء زميلنا إدريس والعم إدريس كما يناديه الجميع، كبيرا أو صغيرا، لما يمتاز به من شهامة ورجولة قل نظيرها، إلى جانب حسّه الإنساني المفقود في زمننا، تم إستدعاؤه من أجل الإستماع لأقواله في شكاية تقدمت بها الشركة المذكورة ضده.

 

سبق لإدارة النشر بشمس بوست أن أصدرت بلاغا تضامنيا مع الزميل العولة وقالت أن الشكاية التي باشرت فيها النيابة العامة مسطرة الاستماع للأطراف وضمنهم الزميل العولة، لم تقدم وفق ما وجه إليه رئيس النيابة العامة الوكيل العام لدى محكمة النقض، الذي أكد في مذكرة سابقة موجهة للوكلاء العامون ووكلاء الملك بأن الشكايات المرتبطة بالنشر يجب أن تقدم في شكل شكايات مباشرة.

 

 

وأعتبرت إدارة النشر أن لجوء الشركة إلى مسطرة التقاضي وتوجيه تهم لا أساس لها من الصحة للزميل العولة، دون سلكها للمساطر التي يضمنها قانون الصحافة والنشر، وفي مقدمتها حق الرد، يبرز وجود رغبة في إسكات صوت الزميل والموقع لثنيهما على الخوض في المشاكل الكثيرة التي يتخبط فيها القطاع، وفي مقدمتها عدم إحترام كناش التحملات.

 

تفاجأنا في هيئة التحرير، بمجرد الإعلان عن خبر الشكاية، بحجم التضامن الذي عبر عن العديد من المغاربة، خاصة أولئك الذين لا يعرفون الزميل إدريس العولة معرفة شخصية، فبعد أن توصلنا بمجموعة من البيانات التضامنية من طرف زملائنا في وسائل الإعلام الجهوية والوطنية، توصلنا ايضا ببيانات للهيآت الحقوقية والأحزاب التي عبرت عن تضامنها المطلق مع الزميل العولة في هذه الشكاية الكيدية من شركة موبوليس.

 

 

كما قلت فالأمر الذي أثار إهتمامنا، هو حجم التعليقات والرسائل التي توصلنا بها من مواطنين عاديين، يؤمنون حقا برسالتنا النبيلة وهدفنا الطموح في المساهمة تنوير الرأي الجهوي والوطني على حد سواء، بعض هذه التعليقات في هي متاحة بشكل علني ومن الممكن لمسؤولي الشركة المعنية أن يعودوا إليها ويتأملوها، ربما قد تكون مفيدة لهم أكثر ما هي مفيدة لنا، فهذه التعليقات ربما هي مرآة تعكس جودة خدماتكم.

 

كان الأقرب للصواب، هو أن تركز الشركة في العمل الذي أتت من أجله، فكما يقول المثل “اترك أثرا قبل الرحيل” و في رواية أخرى “اترك أثرا طيبا وذكرى حسنة بعد موتك”. فمن خلال متابعتنا للمستمرة ومواكبتنا للمشاكل التي أصبحت تتخبط فيها الشركة، فرحيلها أصبح وشيكا، لكن السؤال : ماذا ستترك الشركة وراءها ؟

 

جميع الشركات والقطاعات الحيوية، أصبحت تُظهر وجها لينا بعدما عصفت أزمة كورونا على أنشطتها وتسببت لها في خسائر فادحة، ومما لا شك فيه، أن أرباح الشركة تراجعت في هذه الأزمة التي تؤكد المؤشرات أن الإفلاس شمل جل القطاعات، وتسبب في تسريح عدد من الموظفين… السؤال: أبهذه القرارات ستواجهون خسائركم ؟ أبهذا الوجه ستستقبلون زبانئكم ؟

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)