الحصيلة

متابعة ’’عروض‘‘ الحصائل الحكومية المرحلية التي يقدمها رئيس الحكومة الحالي سعد الدين العثماني، يجب أن تضاف للائحة المحاذير الصحية لأنها وحدها كفيلة برفع ضغطك وجليكوزك وجميع مؤشراتك الحيوية.

ومرجع العلة ليس متعلقا فقط بمضامين هذه الحصائل التي يتم تقديمها بشكل يُشعر بالنفور والتعالي كأن هذه الحكومة تشتغل بالمنة، ولكن أصلها ما تحمله من شعارات لا تتفق أبدا وواقع الحال لا المقال.

لقد تحدث صاحب دعوتنا -مرحليا- أثناء عرضه عن خطاب الصراحة والوضوح والشفافية مع الرأي العام وعدم تغليطه وبيعه الوهم. وهي للإشارة نفس الشفافية والوضوح التي جعلته يعقد مجلسا استثنائيا للحكومة ليقرر منفردا إبقاء الساعة الإضافية دون أن يمنحنا مبررات حقيقية غير دراسة لم تكن قد أنهيت بعد، الشفافية نفسها التي تم بها تدبير ملفات الاحتجاجات الاجتماعية مثلا، الوضوح الذي بمقتضاه تم التكتم على طبيعة دور المغرب في ورشة المنامة، وغيرها كثير من القرارات اللاشعبية ’’بشفافية‘‘.

في الجانب الآخر تمتلئ هذه العروض بنفس الجمل الخشبية البائسة التي تكرر كل مرة، ويراد أن يفهم سامعها أن العام زين، حديث عن مناخ استثمار إيجابي وحصيلة مشرفة وأوراش كبرى وما يشبهها من أدبيات كالتي نستعملها لتضيف الفخامة لإنشاءاتنا طمعا في نقطة إضافية دون أن نفهمها أو نعنيها حقا.

في السياسة، وفي تدبير الشأن العام لا يهمنا ما تعتقد رئاسة الحكومة أنه تحقق، بل نعترف فقط بما نعاينه على الأرض ونتمكن يومه التالي من لمسه.. يعنيا من القرارات ما يدخل بيوتنا مباشرة ويؤثر فيها إيجابا، أما خطاب كيد الخصوم وتمثيل دور الأغلبية المنسجمة فلا يعنينا في شيء مطلقا. لقد حاولت فئة من هذا الشعب لم تفقد الأمل بعد في دور المؤسسات انتخاب مشروع سياسي حالمة بالتنمية، ببعض من الرخاء بعد عقود الشدة، لا من أجل الوقوف لاستعراض زخم وهمي وقوة حكومية يعرف القاصي والداني أنها مفتقدة.

وعليه فإن المنجزات التي لا نراها في حافلاتنا وطرقنا، ولا نراها في ظروف عملنا وشروط أمنه ومردوديته، لا نراها في أسواقنا من ضبط لجودتها وتسقيف لأسعارها، وفي فعالية وتخليق إداراتنا، ولا نراها ونحن نعاين وهن العظم وقلة الحيلة في ابائنا الذين تحاولون تجريدهم من الستر في اخر العمر، ونحن نفشل في إثبات حقنا في الصحة، ونحن نعرف أن التهديد بسلب الحرية والكرامة قائم دون حاجة لتهمة.. ليست منجزات. ويؤكد ذلك رباطنا الطويل في مؤخرة كل القوائم. بالتالي لا سبب يدعو للتصفيق لعرض رئيس الحكومة، اللهم إن كانت المنجزات التي تحدث عنها تخص شعبا اخر أو بلدا اخر.

ولعل المفارقة ان يتصادف عرض الحصيلة المرحلية الوردي هذا مع تقارير عالمية تقول أن أكثر من نصف الشباب المغربي يطمح للهجرة.. والطموح لا يعبر بدقة عن حقيقة ما يجول بأذهان هؤلاء الشباب، ذلك أن قبول إمكانية التضحية بالروح من أجل العبور ليس طموحا وإنما حلا أخيرا دونه الموت.

نحن إذا نعيش عهد الإنجازات التي لا ترى، كتلك الملابس التي احتال بها خياط مغمور على امبراطور غبي ومتعجرف في القصة المشهورة، عندما أقنعه أنه استعمل أثمن الخامات والجواهر لخياطة زي ملكي له، لكنه لن يظهر إلا للأذكياء.. نفس الامر تحاول الحكومة أن تقنعنا به، الإنجازات والتطور حاصل في كل القطاعات لكن لن يراها ’’العدميون الذين يشيعون ثقافة اليأس والإحباط وعدم الثقة ويغلطون الرأي العام‘‘ حسب رئيس الحكومة.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)