على ضوء موقعة نهائي عصبة الأبطال الإفريقية : ضدا على العنف الكروي و التعصب الرياضي

 

هي موقعة كان لا بد منها في سجال كروي ستحتضن مجرياته العاصمة التونسية هذا اليوم بملعب رادس بين فريقين عريقين بالقارة الإفريقية الحديث عن فريق الوداد البيضاوي المغربي و فريق الترجي التونسي، إلى هنا فالأمور جيدة و تعد بطبق كروي متميز وكل التكهنات تشير إلى أنه سيحضر فيه الإندفاع البدني و تحضير تاكتيكي للمقابلة من كلا مدربي الفريقين للظفر بالكأس الغالية .

لكن ما لوحظ قبل المباراة هي الحرب الكلامية التي سبقت القمة النارية بين جماهير الفريقين، و إن كانت حدتها من طرف اشقائنا التونسيين بشكل كبير ﻷنهم يستقبلون على أرضهم و التي تطورت إلى ممارسات عدوانية يوم قبل المباراة بالإعتداء الجسدي على مشجعين لفريق الوداد ثم إعتداء على حافلة بالحجارة كانت تقل جمهور الوداد من المطار.

هنا يحضر التعصب في سلوك إنحرافي خارج عن نطاق الروح الرياضية و يتحول من فكرة إلى واقع مادي ملموس . ويُعرف الخبراء في هذا الصدد التعصب الرياضي، بالميول المبالغ فيه لشيء ما بدرجة كبيرة، يجعل من الشخص يتحيز لما يحب لدرجة تصل إلى تجميل القبيح وتحويل سلبياته إلى إيجابيات في نظر الناس، وتعاني الرياضة بشكل عام وكرة القدم بصفة خاصة من الجمهور والإدارات المتعصبة لفرقها من خلال التقليل من شأن الفرق المنافسة وتتطور في أشكالها، لتصل إلى مرحلة الشتم والقذف والتجريح وتخريب منشآت المنافس والاعتداء البدني، واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي في نشر الأخبار المفبركة والصور غير اللائقة، وهذا ماوقع قبل بداية المباراة.

إلى هنا نتحدث بشكل عام عن مباراة الوداد و الترجي لكن وبشكل خاص لا بد من الحديث عن تعصب من نوع آخر غيبت فيه الروح الوطنية لبعض مناصري فريق الرجاء البيضاوي لدرجة انهم أصبحو بين عشية و ضحاها مناصرين للترجي على حساب الوداد وهذا لأنه غريمهم التقليدي كرويا بالمغرب و هو ما يتخذونه مبررا، و كذا مناصرين للزمالك على حساب نهضة بركان في نهائي كاس الكنفدرالية الإفريقية التي أقيمت بالقاهرة و الذي لم نجد له تبريرا.

في إعتقادي أن مثل هكذا سلوكيات تضر بالكرة الوطنية أكثر ما تنفع فريقا على حساب فريق آخر ، في مرحلة وجب تشجيع فيها كل الفرق الوطنية الممثلة للوطن في المحافل الدولية وكذا تضر بالسلوك الإجتماعي في البلد وتأثت لمشهد جديد سيساهم في إتجاه نفسي مشحون إنفعاليا.

ما سيشكل خطورة كبيرة على حياة الفرد و المجتمع وعليه وجب دراسة دقيقة للعوامل المؤدية للتعصب و منها التنشئة الإجتماعية للفرد ، و كذا الميل للتطرف في الاعتقاد والرأي، إلى جانب القلق النفسي وعدم الشعور بالأمان.

كلها عوامل إجتماعية تساهم في تزايد التعصب و الكراهية مع العلم أننا نتحدث هنا عن مقابلة كرة قدم و رياضة في المقام الأول .

ونستحضر هنا الظاهرة المعروفة بالهوليغانز (hooligans ) بانجلترا وما خلفته من أحداث دامية في ملاعب كرة القدم بأوربا لكن تم التغلب عليها وتطوير العقلية و الفكر المناصر للفرق الإنجليزية بدون نزعة متعصبة إلى حد ما وهذا ما نلاحظه كمتتبعين لقمة الوعي للجماهير داخل الملاعب و خارجها وما لعبت فيه الدولة و الإعلام دورا مهما في تخليق الحياة الرياضية عامة .

هي رسالة لكل الجماهير من أجل الإبتعاد عن الفكر المتعصب بصفة عامة و في الرياضة و كرة القدم بصفة خاصة .

 

عبد المنعم خنفري، طالب باحث و ناشط حقوقي

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)