اليمين المتطرف يحدث زلزالا في فرنسا بحصوله على شرعية برلمانية واسعة

اجتاز حزب اليمين المتطرف بقيادة مارين لوبن الأحد خلال الانتخابات التشريعية الفرنسية عتبة تاريخية ليصبح حزب المعارضة الأول ويستحوذ على شرعية لطالما أفلتت منه.

وقال جان بيار ليفي من معهد “هاريس انتراكتيف”، “حصل تبدل عميق في علاقة الفرنسيين مع التجمع الوطني”، الحزب الذي تتزعمه مارين لوبن.

وأوضح لقسم الفيديو في وكالة فرانس برس “أف ب تي في”، “كنا نلاحظ أن مارين لوبن تتقدم من انتخابات الى أخرى، في الدورة الأولى والدورة الثانية كذلك. لكن المستوى المسجل الآن غير مسبوق”.

ومع أن استطلاعات الرأي جميعها كانت تشير إلى احتمال حصول التجمع الوطني على 20 إلى 50 مقعدا في الجمعية الوطنية، خالف الحزب اليميني المتطرف التوقعات وحصل على 89 نائبا في مقابل ثمانية نواب في الولاية البرلمانية السابقة متقدما على فرنسا الأبية (المعارضة اليسارية الراديكالية) الذي حصل على 72 مقعدا.

ويطرح التجمع الوطني نفسه الآن حزب المعارضة الأول في مجلس النواب ويمكن للحزب المدين أن يعتمد على مصدر تمويل كبير إذ يتلقى أموالا عامة عن كل نائب تابع له.

وقال الخبير السياسي جان-إيف كامو “هذا تقدم صاروخي” مع وجود للتجمع الوطني “ليس فقط في المناطق المؤيدة له تقليدا” بل أيضا في “مناطق قريبة من باريس ومقاطعات أقفلت المصانع فيها وباتت منسية”.

ورأى الخبير باسكال بيرينو في تصريح لصحيفة “لو باريزيان”، أن “التجمع الوطني يصبح رويدا رويدا حزبا يتمتع بجذور محلية (..) وقد أصبح حامل لواء الانقسامات في المجتمع والمناطق”.

وقالت مارين لوبن التي تواجهت مع ماكرون في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في العامين 2017 و2022 الاثنين إنها فوجئت كثيرا بالنتيجة.

وأكدت لوبن التي أعيد انتخابها بفارق كبير الأحد في معقلها إينان-بومون في شمال فرنسا “لقد فوجئنا إيجابا بالتعبئة التي أبداها مواطنونا كي لا تختفي من الجمعية الوطنية مواضيع مثل الهجرة وانعدام الأمن ومكافحة التطرف الإسلامي”.

وأعلنت “لن أتولى رئاسة الحزب” لتكرس وقتها لرئاسة كتلة التجمع الوطني المقبلة في الجمعية الوطنية.

وسارع الحزب إلى الكشف عن طموحاته الجديدة مطالبا برئاسة لجنة المال النافذة جدا في الجمعية الوطنية. ويطالب اليسار أيضا بهذا المنصب وهو يعود تقليدا منذ 2007 لأكبر كتلة معارضة.

وفي دلالة رمزية، سيتولى نائب من التجمع هو جوزيه غونزاليس عميد سن الجمعة (79 عاما) الثلاثاء في 28 حزيران/يونيو افتتاح الولاية البرلمانية الجديدة.

على الجبهة الأيديولوجية، تخلصت مارين لوبن من التصريحات المعادية للسامية ومن أرث والدها جان ماري لوبن الذي يحتفل الاثنين ببلوغه الرابعة والتسعين. وقد باشرت عملية تحول في الحركة وصقلت دونما هوادة صورة الحزب مغيرة اسمه وضمنت خطابها معضلات اجتماعية إلى جانب مسائل الهجرة والأمن.

وخلال سعيها هذا، حطمت “الجبهة الجمهورية” التي سمحت خلال عقود في فرنسا بصد اليمين المتطرف.

ورأى جيل إيفالدي الخبير في برنامج التجمع الوطني الاقتصادي في المركز الوطني للبحث العلمي في مقابلة مع إذاعة “فرانس أنفو”، أن ثمة ثلاثة تفسيرات لذلك : حملة التجمع الوطني “البعيدة عن الأضواء والخفية التي ركزت على موضوع يقع في صلب اهتمامات الفرنسيين ألا وهو القدرة الشرائية” فضلا عن “استراتيجية لمواجهة شيطنة التجمع الوطني كان لها تأثير كبير” و كوادر “تمكنوا من ترسيخ وجودهم محليا”.

وأكد جان-إيف كامو “أتى ذلك نتيجة عملية ترسخ طويلة جدا مع مسؤولين منتخبين من جيل مارن لوبن أتوا من أجلها وعبرها فضلا عن أفراد يخوضون هذا المجال منذ فترة طويلة”.

وأشار كذلك إلى أن الفئات الشعبية ترى في إيمانويل ماكرون مدافعا كبيرا عن “العولمة” التي يعتبرون أنهم ضحاياها.

وشدد ستيفن فورتي في مجلة “لو غران كونتينان” إن ظاهرة شرعنة اليمين المتطرف يجب أن تطرح بمنظار أوروبي.

وكتب “من الواضح اليوم أن اليمين المتطرف بلغ هدفه الأول فقد نجح في تطبيع وضعه وفي الخروج من التهميش وربح جزئيا أقله، المعركة الثقافية ويدفع النقاش العام باتجاه اليمين المتطرف. وهذا بات واقعا في كل الدول الغربية”.

AFP

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)