أرقام ونسب المتابعة مسألة غير مطلقة ولايمكن أن نبني عليها توجه الأذواق

تستعمل الأرقام حينما يراد إبراز نسبة المتابعة لبرنامج أو سلسلة ما في التلفزيون ، وبالتالي محاولة استخلاص أحكام ذوقية .

وهذه الأرقام لا تخضع عادة للمساءلة ولا التشكيك ، مما يدفع أصحابها إلى تبخيس النقد الموجه إلى هذه الأعمال ، و إضفاء المشروعية على العنف الرمزي الممارس على المشاهدين من خلال برامج مستنسخة ، وسلسلات تافهة .

 

والأكيد أن اختيار التوقيت يجعل التنافس مشتدا لا بين الاعلاميين والفنانين بل بين المنتجين والمستشهرين وهو ما يوضح أن المسألة اقتصادية بالدرجة الأولى ، ويؤكد ما استخلصه السوسيولوجي الفرنسي بيير بورديو في نقده للتلفزيون حينما قال “إن الذي يمارس الضغط على التلفزيون هو المحدد الاقتصادي هذا يعني أنه لا يمكن السعي لقول شيء عبر التلفزيون غير ذلك الذي تَحَدَد مقدما من قبل أولائك الذين يمتلكون تلك المحددات أي من قبل المعلنين الذين يدفعون ثمن إعلاناتهم ، من قبل الدولة التي تمنح الدعم ، كذلك عندما يتعلق الأمر بإحدى القنوات التلفزيونية ، إذا لم نعرف اسم المالك ، ونصيب كل من المعلنين في الميزانية وقيمة الدعم الذي تقدمه الدولة لا يمكن فهم شيء كثير” وهذا ما يدفعنا إلى وضع الأرقام بين قوسين خاصة أن نسبة المشاهدة لا تؤكد جودة المنتوج بقدر تلقي الضوء حول التدافع القوي على أوقات الذروة ، والتي تفسر العنف الرمزي المشار إليه ، ولذلك نتساءل :

إذا كانت الأرقام موضوعة لتفسير مدى التوسع والامتداد فهي تقريبية وليست دقيقة ، وخادعة في أغلب الاحيان ، وهذا معروف، لان النفخ عبارة عن لعبة بائرة .. والأرقام نفسها تحتاج إلى الفهم إذا وضعناها في سياقها : هل يمتلك الناس قنوات أخرى ؟ هل هناك بدائل أخرى للفرجة؟ ما هو السن المفترض للقابعين أمام الشاشة الصغيرة ؟ كم عددهم؟ ما هو قياس العدد المفترض للمتفرجين ؟ وأين توجد كثافة المتابعين لبرنامج ما ؟ ما هو القياس التقريبي للمناطق من الناحية الديموغرافية ؟ كيف يتم إعداد المتوسط الحسابي في هذه الحالة ؟ أسئلة لابد منها لجعل الأرقام مسألة أقرب إلى العلمية ، إذ من الممكن خارج هذه الأسئلة أن تصبح هذه الأرقام ذات مصداقية وتبنى عليها الأحكام الذوقية.

 

بقلم: د. فريد بوجيدة، أستاذ جامعي وناقد سينمائي

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)