حللت بطنجة هذا الصباح قادما من الرباط لأرى كارل ماركس ، وكنت شغوفا بتطوير معرفتي القديمة حول هذا “العالم ” الفذ والذي استطاع أن يفهم كيف يتراكم الرأسمال ومن أين يأتي الربح وما سبب البؤس. وصلت إلى طنجة فعلا ولم أجده ، لكني فقط وجدت “الورثة” على حد تعبير الشاعر إدريس علوش.
“ماركس اليوم ” هي الندوة الثانية ضمن الندوات المنظمة بطنجة في إطار الدورة 15 لمهرجان تويزة للثقافة الأمازيغية .
استدعت اللجنة المنظمة عدة أساتذة ومفكرين لهذا اللقاء من ضمنهم المفكر اللبناني فواز الطرابلسي ، الذي خصصت له جلسة خاصة قدمه فيها الأستاذ عبد الاله بلقزيز ، وكانت هناك مداخلات أخرى للحبيب الطالب وعبد الرحمن نوضة وعلال الأزهر …وكان على المتدخلين الجواب عن سؤال وهو ما مدى إجرائية وعلمية المفاهيم الماركسية اليوم .
وبالرغم من شساعة هذا السؤال حاول كل متدخل أن يجيب من خلال اجتهاداته وتجربته الخاصة باستحضار طبعا التطور التاريخي والبعد الزمني وخاصة المعطيات الجديدة الاقتصادية والسياسية والعلمية . وقد شخص بعض المتدخلين خاصة فواز الطرابلسي الوضع بتركيزه على بعض معالم الوضع الجديد مفيدا أن ما نحتاج إليه هو ماركس الواقعي ، مشيرا إلى نوع من البراغماتية الجديدة والمفيدة التي تربط فكر ماركس بعالم اليوم .
ربما الحيز الزمني المخصص لكل متدخل لم يكن كافيا للاستماع للمداخلات كاملة خاصة أنها كانت مكتوبة ، لكن أغلبها إن لم أقل جلها تمركز حول تشخيص حالة الماركسي اليوم بدل “كارل ماركس اليوم ” ،و بين اندفاعات ويقينيات الأمس ، وقلق وحيرة اليوم، يبتعد الماركسي الشرس ، والمتمترس وراء حدود النار و صانع ” الزمن المعاصر” والمتباهي أيضا بتملك العالم ، وبين ماركسي اليوم ، ، القارئ المُتعَب فكريا ، من ضياع السنين ، ومن “غدر” الرفاق ، ومن تقلبات الظهر، وانحدار القيم … لكن ما يثلج حقا في هذا اللقاء هو الابتعاد عن الدوغمائية ، والاهتمام بالأسئلة الابستمولوجية القلقة والمحرجة والبحث عن “ماركس” جديد ، لا هو بالنبي المنقذ ، ولا بالزعيم ، بل حالة أو “نهضة ” فكرية حقيقية تعيد النظر في كل شيء …
فريد بوجيدة
تعليقات ( 0 )