أحمد حموش ينشر “الحب في زمن البطاطا” ويبرز دوافع “المغامرة الكبيرة”

أصدر الزميل أحمد حموش، الإعلامي بشبكة الجزيرة في قطر، كتابه الأول، واختار له عنوان “الحب في زمن البطاطا”، ويضم حكايات ومقالات مختلفة، تتناول تجارب شخصية، وقضايا إنسانية واجتماعية وسياسية.

 

ويؤكد حموش في حواره مع شمس بوست بأن الكتابة بالنسبة للصحفي قضية حيوية، بل فرضا أخلاقيا ملزما، حيث ينتظر منه المجتمع تسليط الضوء على قضايا وتفاصيل تهم الناس.

ويوضح أن التفكير في نشر كتاب هذه الأيام مغامرة كبيرة، فدور النشر وشركات التوزيع والمكتبات تعيش مشاكل كبيرة بسبب ضعف الإقبال على الكتاب، لذلك تفضل تلك المؤسسات التركيز على الكتب المدرسية التي تشكل عصب الحياة بالنسبة لها، ويقول “لكنها مغامرة من الضروري خوضها، فلا خيار لنا سوى ذلك”.

 

ويشدد على أن نسبة القراءة في الوطن العربي ضعيفة جدا ولا تكاد تتجاوز الست دقائق في العام الكامل، بينما سوق الكتب والبحث في الولايات المتحدة مثلا سوق رائجة ونسبة القراءة هناك مرتفعة جدا بالمقارنة معنا، وبرغم ذلك يشتكون من هجر الكتاب هناك !!

 

وأكد أنه يعرف عائلات تربي أبناءها منذ الطفولة على حب الكتب لأنها تعرف قيمة أن يكون الإنسان قارئا، وهنا يبرز دور الأسرة المفصلي في التشجيع على القراءة والبحث.

 

في هذا الحوار، يتحدث الزميل حموش عن بعض التفاصيل الواردة في كتابه، وعن مشاريعه المستقبلية، ويشرح أسباب اختيار العنوان الغريب.

 

  • يلفت انتباه القارئ وهو يرمق الكتاب هو عنوانه المثير؛ ما هو دافعك في وضعه؟

الجواب: (ضاحكا) هذا السؤال يتبعني أينما حللت وارتحلت، وقصته بسيطة.. تعرفون الرواية الشهيرة لغابرييل غارسيا ماركيز “الحب في زمن الكوليرا”، وهي رواية جدية وحازت جوائز عديدة، أنا من جهتي استلهمت فكرة العنوان من تلك الرواية الشهيرة، لكنني قررت -وأنا أحرر الكتاب في ظروف الحجر الصحي بسبب انتشار كورونا العام الماضي- عدم طرق كل تلك المواضيع التي وردت في كتابي عبر باب “الجدية”، وفضلت باب البوح الإنساني، ومشاركة التجارب، وكذلك السخرية التي أرى أنها الطريق الأمثل لإيصال فكرة أو رسالة.. البطاطس هي مكون رئيسي لموائد البسطاء والأثرياء على حد سواء، ولفت نظري أنها صارت -بشكل غريب- “رمزا لغويا” يستخدم لتصنيف الناس والمستويات الاجتماعية، بل وحتى لتقييم الحالة السياسية الاقتصادية، فيقال مثلا: “الوضع رجع بطاطا”.. فانبثقت في ذهني فكرة البحث عن تاريخ البطاطس وعن وضعها في مخيالنا الجمعي عبر مقال خفيف يسعى لإيصال رسالة واضحة أبرزتها في عنوان الكتاب: نحتاج لأن يحب بعضنا بعضا، وألا نضيع وقتنا في محاولة التصنيف والتقييم، بل في العمل والإنتاج وطلب المعرفة، ولن يدرك الإنسان مشاعر السلام الداخلي إن لم تنتشر قيم الحب بيننا، وذلك ما أفهمه شخصيا من الحديث العظيم “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.. وهذا النوع من الحب غير المرتبط بالمصلحة نفتقده مع الأسف.

الشطر الثاني من العنوان “أنا صحفي إذن أنا غير موجود”، هو اعتراف بوضع سيء يعيشه الصحفي في العالم أجمع.. الصحفي في بعض البلدان يقتل أو يسجن أو يضيق عليه بمختلف الوسائل، ولا يمكن أن تكون صحفيا مهنيا شريفا دون يقض مضجعك أحد.. عدم قيام الصحفي بواجبه بمهنية واحتراف سيؤثر سلبا وبالضرورة على مسار تقدم الأمم في كل المجالات.

 

  • ما هو موضوع الكتاب؟

 

ـــ الكتاب هو كتاب إنساني خفيف، وهذا النوع من الكتابات -مع الأسف- شبه مفتقد في المغرب والعالم العربي، في حين هو ظاهرة في الولايات المتحدة وأوروبا مثلا..

“الحب في زمن البطاطا” هو عبارة عن مجموعة من الحكايات والمقالات المتفرقة، تتناول موضوعات مختلفة، منها ما هو إنساني ومنها ما هو سياسي. فستجد في الكتاب حكايات عشتها أيام الطفولة والشباب، ومقالات تضم تأملات في وقائع تاريخية ودينية، إلى جانب مقالات سياسية مثل مقال عن نسبة 99.99 بالمائة في الانتخابات العربية، ومقال آخر يتحدث عن واقعة الأمر بتطوير الهجوم في حرب 73 ضد إسرائيل، وكيف أنها -بحسب رأيي- امتداد لهزيمة 67 النكراء، التي نعيش آثارها الكارثية لحد الآن..

 

لقد رأيت من خلال مشاركة تلك الأفكار والتجارب مع القارئ التذكير بأننا بشر، وبأن في ذاكرتنا وكينونتنا ما يساعدنا على تحديد هويتنا والخروج من الأزمات.. الإجابة عن سؤال: من نكون؟ مهم جدا، والجواب يجده الإنسان في كينونته، لذلك الحديث مع النفس، والتأمل في كل الأحداث التي مرت من الأهمية بما كان.. ففي رحلة الدراسة والبحث عن وظيفة، ثم العمل ومواجهة مشاكل الحياة نغرق في تفاصيل لا حصر لها، ولا طاقة لنا بها، لكن التأمل في حياتنا وفي تجاربنا يجعلنا أكثر هدوءا، وأكثر قدرة على تلمس خطانا.. وأنا -من خلال الكتاب- أدعو كل شخص للبحث في ذكرياته عن كل ما هو جميل، وينفض عنه الغبار، ويرتبط به، ويرتكز عليه ليخرج من بحر التفاصيل المتلاطم الذي يحطم كل قيم الحب والجمال.. تذكروا تصحوا يرحمكم اللهه

 

والغريب أنني كنت أجهز لإصدار كتاب يتناول قضية سياسية تاريخية، وجمعت لذلك المراجع الضرورية، لكن ظروف انتشار كورونا العام الماضي دفعتني للتوقف مؤقتا، وبدأت تحرير بعض الفضفضات جمعتها في هذا الكتاب، على أمل نشر الكتاب الثاني قريبا بحول الله وقوته.

 

  •  كيف تنظر إلى تجربة التأليف وأنت صحفي؛ هل تعتقد أن ذلك يمكن أن يكون مجديا في ظل اعطاب القراءة؟

 

ـــ هذا سؤال مهم جدا أشكرك عليه..
مع الأسف وضع الكتاب والقراءة في المغرب وفي العالم العربي وضع سيء للغاية، فالمكتبات في الرباط ومدن أخر ىتغلق أبوابها، ونسبة القراءة بحسب إحصائيات أممية لا تتجاوز ست دقائق في السنة للفرد في كل الوطن العربي !!

 

فضلا عن أن دور النشر تعاني ما تعانيه، لذلك هي لا تستطيع القيام بدورها كما ينبغي، بل حتى شركات التوزيع لديها مشاكل كبيرة مع الكتب، ولا تتحمس كثيرا للتوزيع.. والكل يركز الآن على الكتب المدرسية لأنها التجارة المربحة، علما أن الكتاب هو أساس النهضة الحقيقية على مستوى الفرد أو المجتمعات..

أعرف أسرا أجنبية تحرص كل الحرص على أن يتربى الأطفال على المطالعة منذ نعومة أظفارهم، وذات مرة سمعت أم أحدهم تعاتب طفلها الصغير لأنه قرأ خمسين صفحة فقط من أحد الكتب !

 

هؤلاء قوم عرفوا أهمية الكتاب فاهتموا له وربوا أبناءهم على حب المطالعة..والطفل متى عشق القراءة والاطلاع، فتح لنفسه آفاق لا حدود لها.

 

صحيح ليس كل أهل الغرب يقرؤون، لكن عموما المطالعة ثقافة جمعية هناك، ولا وجه للمقارنة بينهم وبيننا.
وفي المحصلة، لا شك بأن الكتابة في هذا الوضع الصعب مغامرة حقيقية، لكن في نهاية المطاف لابد من خوضها لأن الكتابة، وخاصة بالنسبة للصحفي، قضية حيوية..

 

  • ولماذا الصحفي بالضبط؟

 

ـــ الصحفي عين يفترض أنها تتابع التفاعلات بأشكالها المختلفة داخل المجتمع، ومع تراكم السنين والخبرات، يصبح قادرا على استنتاج خلاصات مهمة تصلح لأن تكون مفاتيح تساعد على الإصلاح والتقدم نحو الأمام.

 

الصحفي يشير بيده إلى الحفر التي في الطريق، لكن عددا كبيرا من المسؤولين يفضلون النظر إلى اليد واتهامها بإثارة الفتن، ويطرقون كل السبل لتشتيت الانتباه، والصراع الخفي بين الإرادتين هو ما يصنع الفارق.

 

مهنة الصحافة مهنة نبيلة لها قواعدها التي تضمن لها من جهة القيام بدورها لفائدة البلد والمجتمع، ومن جهة أخرى عدم تغولها على الناس، ولا يجوز لأحد أن يكون فوق القانون.

 

والصحفيون في المغرب، على عكس الأشقاء في المشرق، لا يهتمون في الغالب -لأسباب مختلفة- بتحرير ونشر كتب تتناول قضايا غطوها، أو تجارب عاشوها.. طبعا هناك استثناءات قليلة، لكن الاستثناء في هذه الحالة يؤكد القاعدة.

 

يجب أن يعي الصحفي أنه ينتسب لمهنة نبيلة مهمة جدا، وعليه أن يعرف أن الخبرات التي يكتسبها والتجارب التي يعيشها يجب أن تصل للناس، والتراكم الكمي والكيفي في هذا المجال سيصنع الفارق الإيجابي بإذن الله.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)