مات بجرثومة في المستشفى الجامعي بوجدة والقضاء يعوض عائلته بالملايين

في سابقة من نوعها، حكمت المحكمة الإدارية بوجدة، يوم 27 مارس الماضي، بأداء الدولة في شخص رئيس الحكومة ووزارة الصحة في شخص الوزير والمركز الاستشفائي محمد السادس بوجدة في شخص ممثله القانوني، لفاد ورثة ضابط شرطة سابق تعويضا قدره 40 مليون سنتيم، بسبب وفاة المعني في المستشفى بعد إصابته بجرثومة المستشفيات.

 

وطالب ورثة المعني، وهم والدته وزوجته وأبنائه، بواسطة محاميهما نبيل تقني وانس كورة المحاميان بهيأة وجدة، بالحكم على المستشفى بأداء تعويض قدره 300 مليون سنتيم غير أن المحكمة وبالرغم من إدانتها للمستشفى وتحميله مسؤولية ما حدث لمعني قدرت التعويض المستحق في المبلغ المذكور بالنظر الى سوابق المعني الطبية وسنه وغيرها من المعطيات التي تضمنها الحكم الذي اطلع عليه شمس بوست.

 

تفاصيل القضية

 

وتتلخص هذه القضية، في كون الهالك ولج مستشفى محمد السادس بتاريخ 6 دجنبر 2017 من أجل الاستشفاء، إلا أنه أصيب بفيروس قاتل أثناء إقامته بالمستشفى حسب الثابت من التقرير الطبي المدلى به بالملف، وهو ما اعتبرته العائلة “إخلال من المستشفى بإحدى الواجبات وهي الرعاية الصحية اللازمة لعلاج المرضى”.

 

وأكدت العائلة، أن ذلك شكل أيضا خرق لأسمى حق من حقوق الإنسان والمواطن، وهو الحق في الحياة والصحة (المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان).

 

وأكد المقال الذي تقدم به دفاع الورثة، بأن العمل القضائي لسائر المحاكم الادارية المغربية “ذهب إلى أن الإصابة بفيروس داخل المستشفى وثبوت كون الأمر مرده لسوء أداء المرفق لعمله، أو استنكاف الطاقم الطبي عن بذل العناية اللازمة لعلاج الضحية يبرر الحكم بمسؤولية مرفق الصحة عن جبر الضرر اللاحق بذوي الحقوق”.

 

وأكد أيضا، على أن التضامن الاجتماعي والعدالة الاجتماعية يمثلان ركنا جوهريا للمقومات الأساسية التي يقوم عليها أي نظام ديمقراطي، ذلك أن التزام الدولة بكفالة خدمات التأمين الاجتماعي والصحي يعمق من فكرة دولة الحق والقانون، وإزهاق الروح البشرية بسبب التقصير في أداء الخدمة أو سوء الرعاية الصحية يبرر مساءلة الدولة في إطار القواعد العامة للمسؤولية الادارية.

 

المستشفى يرد

 

من جانبه، أورد المستشفى عبر دفاعه، وجهة نظره في الملف، وأكد بأن الهالك الذي كان يبلغ قيد حياته 61 سنة، له “سوابق طبية”، إذ أنه يعاني من التهاب رئوي مزمن، ومن أهم أعراضه ضيق التنفس، كما كان يعاني فتق سري واستأصلت منه الغدة الدرقية، فضلا عن هشاشة العظام وكسر في العمود الفقري، وارتفاع في الضغط الدموي وفقر الدم ولم يلج المستشفى 6 دجنبر  لأول مرة.

 

وأبرز المستشفى، بأن المعني سبق أن ولج مصحة خاصة ومستشفى الفارابي نتيجة تفاقم الالتهاب الرئوي،  وبخصوص ولوجه المركز الاستشفائي الجامعي كان لثلاث مرات الأولى بعد اصابته بكسر في مفصل الورك، وقدمت له الفحوصات والعلاجات اللازمة وأجريت له عملية جراحية، وتم تثبيت الكسر بواسطة مسمار CLOUD GAMMA، غير أنه من خلال الفحوصات البعدية للعملية اتضح أن الجراحة التقويمية لم تف بالنتائج المتوخاة لعدم ثبات الجهاز التقويمي بسبب هشاشة العظام التي كان يعاني منها المرحوم.

 

وخضع لعملية جراحية ثانية لاستئصال المسمار، وتم زرع عضو تقويمي أخر (مفصل ورك اصطناعي)، غير أنه من خلال المراقبة البعدية حسب المشتشفى اتضح أن المريض أصيب بتعفن على مستوى العضو التقويمي رغم اتخاذ مجموعة من البروتوكولات العلاجية والوقائية القبلية والبعدية للجراحة.

 

وفي مرة أخرى ولج المستشفى من أجل نزع المفصل التقويمي، والقيام بالتحاليل اللازمة لمعرفة نوع الجرثومة المتسببة للتعفن، وإعطاء الدواء المناسب، غير أنه وبالنظر إلى الحالة الصحية للمريض والمتسمة بالهشاشة وسوابقه الطبية كل هذه العوامل أضعفت مناعته، وحالت دون الاستجابة للعلاج المرتكز أساسا على مضادات حوية قوية توفي بعد قصور متعدد الأعضاء.

 

المحكمة تدين 

 

وأكدت المحكمة في حكمها، أنه لا مجال للدفع الذي أثارته الجهة المدعى عليها من كون العدوى التي تعرض لها الضحية كانت خارج المستشفى.

 

وأضافت بأن الجهة المدعى عليها نفسها تقر في مذكرتها الجوابية بأن الفيروس الذي أصاب الضحية، كان نتيجة التعفن وعدم التئام الجرح بعد إجراء العملية الثانية فما هو محقق من تقرير الخبرة المنجز أن الأمر لا يتعلق بعدوى ذاتية أو داخلية ناجمة عن جراثيم كان المريض يحملها بذاته من قبل، ولكنها عدوى خارجية ناجمة عن إصابة المريض بجراثيم انتقلت إليه من الخارج بسبب بيئة المستشفى.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)