مغاربة قرايبين للبحر..هل يعيد التاريخ مأسي العقود الماضية؟!

 

أخبار قوارب الموت بالمغرب، تواترت بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة، وكانت في كثير من الأحيان أخبارها مفجعة، بعدما تأكد أن شبان في مقتبل العمر، وأخرون وصلوا سن “اليأس الشبابي”، إن صح التعبير قد كانوا ضحية لأمواج المتوسط وحتى الأطلسي العاتية.

 

هذه الأحداث عادت بالكثير من المتابعين إلى سنوات الثمانييات وبداية التسعينيات من القرن الماضي، عندما كانت “رحلات الموت”، على أشدها من السواحل الشمالية للمملكة. كانت العائلات تستقبل بشكل شبه يومي أخبارا إما سارة ببلوغ فلذات كبدها الضفة الأخرى، أو صادمة تأذن باقامة خيمات العزاء.

 

هل يعيد التاريخ نفسه في الموجة الجديدة من هجرة المغاربة بطريقة غير نظامية إلى الضفة الأخرى؟

 

هذا هو السؤال الذي يعيد طرح نفسه، ويطرحه العديد من المتابعين والمهتمين بملف الهجرة.

 

الأزمة تشبه أختها

 

يتذكر حسن عماري، الناشط في مجال الهجرة الأحداث التي عاشها المغرب في ثمانيات القرن الماضي، حينها كان يافعا ويستعد لدخول مدرجات جامعة محمد الأول بوجدة. كانت تلك الأحداث نتيجة لتنفيذ سياسة التقويم الهيكلي التي أشار بها صندوق النقد الدولي على المغرب، بعدما وصل إلى حد “السكتة القلبية”.

 

إحتجاجات الثمانينات وبالتحديد سنة 1984 أو ما سمي بانتفاضة “الكوميرة” (الخبز)، كانت تجليا من تجليات رفض السياسة الاقتصادية للبلد، التي كان من نتائجها المزيد من الضغط الاقتصادي، الذي مس بالتحديد الفئات ذات الدخل المحدود، وكانت في الحقيقة منذرة بوضع إجتماعي قاس، سيكون الحل معه بالنسبة لفئة عريضة من الشبان، خاصة في المدن الشمالية التي مستها هذه الاحتجاجات بشكل أكبر هو الهجرة عبر قوارب الموت.

 

استمرت هذه الموجة زهاء عقد من الزمن كما يتذكر العماري، ومع تكرار الموت ومحاولة السلطات جاهدة توقيف النزيف، لاحظ المتابعون أن قوارب الموت التي يستقلها المغاربة تناقصت بشكل ملحوظ، لكن في المقابل ستزدهر هجرة المهاجرين غير النظاميين القادمين من مدن جنوب الصحراء.

 

لعقد من الزمن أو يزيد عرفت كانت وتيرة انطلاق القوارب التي يستقلها المهاجرون غير النظاميين القادمين من دول جنوب الصحراء، بداية من الالفية الجديدة ولأكثر من عقد شبيهة بالوتيرة التي كانت عليها هجرة المغاربة.

 

سيتغير الوضع مع سن المغرب في السنوات الماضية لسياسة جديدة في مجال الهجرة، عمادها تسوية وضعية الآلاف منهم، لتتراجع وتيرة هجرتهم عبر القوارب بشكل واضح، بل وتتراجع معها حد الاختفاء مظاهر سكنهم في الغابات المجاورة لمدينة وجدة.

 

لكن الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد اليوم، وفق تعبير عماري، يعطي انطباعا عاما بأنه يشبه تماما ما عاشه الجيل الأول من مهاجري قوارب الموت، وهو ما يفسر بالدرجة الأولى (الوضع الاقتصادي الحالي)، وفق العماري، عودة قوارب المهاجرين المغاربة إلى البروز بشكل مكثف في الفترة الأخيرة.

 

الموجة الجديدة، في حقيقة الأمر وإن كانت اليوم تبدوأ أكثر وطأة، فإن بدايتها بالتحديد كانت مع بروز عدد من الحراكات، وعلى رأسها حراك الريف.

 

وإذا كانت الموجة الأولى اقتصرت على السواحل الشمالية بشكل كبير، فإن الموجة التي نشهدها اليوم، وفق نفس المصدر، تشير إلى أن السواحل الأطلسية ليست بمنأى عن قوارب الموت أيضا.

 

مغاربة في قوارب الموت خارج الحدود

 

كشفت تفاصيل الفاجعة الأخيرة، التي عرفتها السواحل الغربية الجزائرية، والتي كان ضحيتها 8 مهاجرون مغاربة اختاروا السواحل الجزائرية الى جانب عدد من المهاجرين الجزائريين لتكون منطلق رحلتهم إلى الضفة الاخرى.

 

انتشلت البحرية الجزائرية ثلاثة منهم، جرى تسلم جثامينهم عبر الحدود البرية، فيما اعتبر الخمسة الآخرون في عداد المفقودين حتى الساعة.

 

وفي الحقيقة، فالمعطيات المتوفرة وفق عماري، تشير إلى أن العديد من المهاجرين المغاربة يختارون السواحل الجزائرية وحتى الليبية لانطلاق رحلاتهم و التي تفشل في كثير من المرات، وتترك ورائها الكثير من الأسى والحزن.

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)