تقرير رسمي: القوات العمومية لم تطلق رصاصة واحدة في الريف لأنها لا تحمل الرصاص

كشف المندوب الوزاري لحقوق الإنسان، شوقي بنيوب، صباح اليوم بالرباط، عن التقرير الذي أعدته المندوبية حول أحداث الحسيمة.

 

وتطرق التقرير الذي يحمل اسم “أحداث الحسيمة وحماية حقوق الإنسان”، الذي يتوفر شمس بوست على نسخة منه، إلى إستعراض الأحداث التي عرفتها الريف بعد إنطلاق شرارة الاحتجاجات بعد وفاة محسن فكري بائع السمك، ومآلات الاحتجاجات التي إنتهت بتوقيف المئات من المعتقلين ضمنهم النشطاء الذين كانوا يقودوها وعلى رأسهم ناصر الزفزافي الذي يوصف إعلاميا بقائد الحراك.

 

ومن جملة ما تطرق إليه بنيوب، في المحور الثالث، من التقرير “دخول التجمهر دائرة التوتر والمساس بالنظام العام”، وأبرز أن التوقف عند موضوع دخول التجمهر دائرة التوتر يكتسي أهمية خاصة، “لتقدير الحالة التي انتقلت فيها ممارسة الحقوق والحريات المكفولة دستوريا إلى دائرة التوتر التي تمس النظام العام”

 

ولهذه الغاية، عاد التقرير إلى عرض ما قدمه وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان بتاريخ 06 يوليوز 2017 باسم الحكومة، بمناسبة اللقاء التواصلي مع جمعيات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان بشأن أحداث الحسيمة، وبحضور كبار مسؤوليها، الذين يمثلون طرفا أساسيا ضمن اتجاهات الرأي في مجال سياسة حقوق الإنسان.

 

وذكر التقرير بافادات عرض وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان من ذلك أنه “خلال مدة خمسة أشهر تم تنظيم ما لا يقل عن 500 مظاهرة وتجمهر، وكما يعلم الجميع، لم يسجل خلال هذه الفترة على السلطات استعمال القوة، حيث تم التعامل مع الاحتجاجات بنوع من الحكمة وضبط النفس والتروي، على اعتبار أن حق التظاهر مكفول دستوريا وقانونيا”.

 

وبالرغم من اتسام الاحتجاجات والوقفات، في مجملها، بالسلمية يضيف نفس المصدر “إلا أن البعض منها اتسم بالعنف ضد رجال الأمن الذي خلف جروحا متفاوتة الخطورة في صفوفهم. ففي يوم 06 فبراير 2017، خلال مسيرة نظمت بإمزورن تم رشق عناصر القوات العمومية بالحجارة، نتج عنه إصابة عدد من العناصر الأمنية وتسجيل خسائر مادية مهمة (تكسير أزيد من 33 سيارة مصلحة). كما أصيب عدد من المواطنين المحتجين بدورهم في هذا الحادث”.

 

“لكن هذا العنف سيزداد قوة عندما ستقدم عناصر ملثمة، في 26 مارس 2017، على إحراق مبنى إقامة قوات الأمن بعد مسيرة نظمتها مجموعة من المحتجين، والذي تؤكده تسجيلات الفيديو الذي سيعرض على حضراتكم”. وقد تم عرض (صور حادث إمزورن 26 مارس 2017 مأخوذة من شريط فيديو مبثوث على اليوتيوب)” يبرز التقرير.

 

وأضاف “إن هذا التسجيل يبين بكل وضوح أن الضحايا كانوا من قوات الأمن الذين وجدوا أنفسهم محاصرين بالنيران، وأغتنم هذه المناسبة للقول بأنه عكس ما جاء في أحد التقارير الحقوقية الذي شكك في هذا الحادث، فإن الأمر يتعلق بإضرام النار في عدد من السيارات وحافلة كانت مركونة بجانب المبنى، مما أدى إلى اندلاع النيران به وخاصة بالطابق العلوي الذي كان يأوي حوالي 100 عنصر من قوات التدخل السريع والذين أجبروا على محاولة الخروج عبر السطح لاستحالة ولوج الطابق الأرضي”.

 

“كما أن ادعاء عدم تقديم ثكنة عسكرية للمساعدة لقوات الأمن ومرور سيارات الوقاية المدنية من طريق آخر بعيد عن موقع الحريق قد جانب الصواب وتنقصه المعطيات المؤكدة التي تشير إلى أن الأمر يتعلق بثكنة للقوات المساعدة وليست بثكنة عسكرية، شاركت عناصرها في تقديم المساعدة اللازمة يوم الحريق” يقول التقرير.

 

أما تغيير مسار سيارات الإسعاف “فقد كان قسرا بالنظر لوجود متاريس أقامها محتجون في الطريق المؤدي إلى مكان الحريق، إضافة إلى منع المحتجين للوقاية المدنية من القيام بعمليات الإنقاذ رميا بالحجارة كما هو واضح في الصور والتسجيل الذي عرض عليكم” حسب التقرير.

 

و على خلفية هذه الأحداث “تم إيقاف 14 شخصا، تمت إحالتهم على السلطات القضائية المختصة التي قررت إيداع 10 أشخاص بالسجن وإخضاع الباقين لتدبير المراقبة القضائية”.

 

– “وإذا كان رجال الأمن من الضحايا كما تبين الصور المعروضة على حضراتكم فإن المواطنين كذلك تعرضوا لإصابات ناتجة عن الاشتباكات مع قوات الأمن، والدولة بقدر ما تحرص على استباب الأمن والحفاظ على النظام العام تحرص على سلامة المواطنين وأمنهم وسلامة أفراد قوات الأمن بنفس المقدار.

 

وأبرز التقرير أنه “وإذا كان من واجب الدولة الحرص على ضمان الحق في التظاهر السلمي والحق في ممارسة حرية التعبير وحرية التجمع في إطار القانون، فإنها بالمقابل ملزمة دستوريا وقانونيا ومن زاوية حقوق الإنسان بأن تعمل على فرض سلطة القانون وضمان الاستقرار والأمن والسلم بوسائل التدخل العادية والمباحة دوليا. لذلك كما تلاحظون فإن القوات العمومية لم تطلق رصاصة واحدة لأنها باختصار لا تحمل الرصاص وبالتالي لا يمكنها استعماله مهما كانت الظروف والأحوال”.

 

وأكد “لقد لوحظ أن هذا العنف تفاقم عندما أرادت السلطات العمومية القبض على أحد متزعمي المظاهرات بسبب عرقلته صلاة الجمعة ليوم 26 ماي 2017، مما مثل مسا سافرا بحرمة المسجد وتعطيل ممارسة العبادة، وهو فعل مجرم بمقتضى الفصل 221 من مجموعة القانون الجنائي كما هو معلوم”.

 

لقد كان بإمكان المعني بالأمر، في إشارة إلى ناصر الزفزافي، “إذا وجد أن خطبة الجمعة لا تلائم قناعاته أو تمس مشاعره أن يغادر المسجد أو يمارس حقه في نقد هذه الخطبة بعد انتهاء صلاة الجمعة بالوسائل التي دأب عليها، أما أن يعمد إلى عرقلة إلقاء خطبة الجمعة فإن هذا الصنيع لا يمكن قبوله بأي وجه من الوجوه ليس فقط من منظور ديني صرف، ولكن أيضا من المنظور القانوني والحقوقي. إذ لو سمح لكل شخص بممارسة هذا النوع من التصرفات لكان ذلك سببا في تعطيل العبادات ونشر الفوضى وانفراط عقد الأمن”.

 

– “وهكذا وعلى إثر محاولة إلقاء القبض على المعني بالأمر بسبب ما ذكر ووجهت القوات العمومية بعنف جسيم نتج عنه عدة إصابات كانت بعضها خطيرة، حيث أصيب ثلاثة عناصر من القوات العمومية بجروح خطيرة استدعت إجراء عملية جراحية لشخص واحد بمستشفى محمد الخامس بالحسيمة، في حين نقل اثنان إلى المستشفى العسكري بالرباط، حيث لا زال أحدهما في حالة صحية حرجة تستدعي إجراء عملية جراحية ثانية”.

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)