محمود عبابو يكتب: حراس التفاهة لمحاربة حراس الجودة

تفاعلا مع تدوينة السيد ادريس شحتان، مدير موقع شوف تيفي المعنونة ب سطوة التفاهة و حراس الجودة”
اطلعت على تدوينة للصحافي ومدير نشر موقع شوف تيڤي، التي نشرت على صفحة الموقع الرسمية، والتي   هاجم من خلالها من لقبهم بحراس الجودة، أي الأصوات التي تندد بانتشار التفاهة و تشجيعها، و دعم اشخاص لا مواهب لهم ولا إضافات، وتقديمهم كنجوم ، مقدما دروسا في الصحافة الالكترونية، كما يفهمها السيد شحتان، وبمنطق تجاري خالص.
سأحاول هنا الرد على ما جاء في التدوينة نقطة بنقطة :
اولا لابد من التنويه باعترافكم، بان أولئك “النجوم”لم يقدموا اي إفادة، وبأن شوف تيفي شريك رئيس في التسويق الكبير لهم.

اتفق مع ماجاء بخصوص التغير الذي حدث في وظائف الصحافة في زمن الرقمي، لكن التغير هنا لم ولا يعني أن كل المبادئ سقطت و الأخلاقيات المتعارف عليها تم حذفها، فدور الصحافة وسبب وجودها لا يتغير بتغير وسائل اشتغالها، الالكتروني منح فرصة الانتشار السريع و سرعة كبيرة في ايصال المعلومة، وبالتالي هذا من المفروض أن يعتبر نقطة قوة و محركا كبيرا في تقوية دور الصحافة كسلطة رابعة، دورها الرفع من الوعي المجتمعي و التثقيف.

وأما بخصوص صحافة المواطن أو القرب، فلتسمح لي بتصحيح/ تذكيركم ونفسي بتعريفها و الفرق بينها و بين الصحافة المهنية. فصحافة المواطن/القرب كما يشير اسمها لذلك تشير بشكل أساس لمشاركة المواطنين العاديين في نقل الخبر و الشهادات حال حدوثها، أي أنها لا تستوجب على الاطلاق توفر المواطن على شروط ممارسة الصحافة بمفهومها الأكاديمي و المهني، بما في ذلك الأجناس و طرق الصياغة و النشر، بل محوريا المقصود بها أولئك الأشخاص الذين لا ينتمون لمؤسسات اعلامية قانونية، كموقعكم الذي يتوفر على ملاءمة وزارة الاتصال و تصريح قانوني بالنشر. وهنا لا أعلم حقيقة هل اختلط عليكم الأمر  أم أنكم تعتبرون شوف تيفي صحافة للقرب وبالتالي لا تنطبق عليها مبادئ الصحافة و أخلاقياتها ولا حتى، توجيه النقد لها كمؤسسة واسعة الانتشار.

هذا الانتشار الذي تم تفسيره في تدوينتكم من منطلق “ما يطلبه الجمهور” حين ذكرتم بل طلبتم من “حراس الجودة” أن ينطلقوا من محيطهم لمعرفة ما يميل لمتابعته المواطن عموما، وهنا أيضا اسمح لي سيدي، بأن أنبهكم لنقطة محورية ربما تعمدتم عدم الاشارة إليها، وهي من صنع هذا المواطن؟ أي سياسات تعليمية و اعلامية مورست عليه؟ ما هو دوركم كصحافة في الرفع من مستواه الفكري و الاجتماعي؟ لأن  هذا وكما أسلفت الذكر هو المهمة الاساسية للعمل الصحفي عموما.
لكن يفهم من خلال ما جاء في فقرة من تدويتكم، أن المحرك الربحي و المنطق التجاري هو كل ما تملكونه كمبررات، أي الخلاصة: أنا عندي مؤسسة خصني نربح ولا يهمني ما يقال و لست المسؤول عن مستوى الشعب.

طيب، لا أحد يجادل في كون كل مؤسسة إعلامية لابد لها من الربح لكي تستمر و وتستطيع أداء أجور المشتغلين، لكن هل هذا يعني أن نسقط في الترويج لصحافة الطوندونس، بل و التفاخر بها إلى حد مهاجمة من ينتقد، فالصحافة الصفراء وهي بالمناسبة تعني (حتى نحدد المفاهيم مرة اخرى) ، تتبع أخبار الفضائحية و عورات الناس و مشاكلهم الهاشمية، التي لا تصب في محيط المصلحة العامة، بهدف ربحي خالص، وسميت بالصفراء نسبة للصحفي والناشر الأميركي المجري جوزيف بوليتزر، مالك صحيفة نيويورك وورلد، الذي كان يطبعها على ورق أصفر رخيص، حتى يوسع من هامش الربح في المبيعات، وكان يهتم أساسا بأخبار الاثارة، أخبار تشبه الى حد بعيد عناوين “خطير ، وهاعلاش، فضيحة، ..”.
أما ما ذكرتم بخصوص تلبية الاعلام، لحاجة نفسية واجتماعية، وبررتم الأمر بعدد المشاهدات، فهذا أمر لابد من الحديث عن عمقه عوض ربطه بالجانب الربحي مجددا، وعمقه الذي لا يمكن التغاضي عنه، يفسر عبر السياسة و لا شيء غيرها، أي ببساطة، أي مستوى وعي نريده للتحكم في هذا الشعب؟ ما شكل هذا المواطن النموذج الذي نسعى لاستمرار تواجده، لكي نضمن عدم اهتمامه بعمق المشاكل الاجتماعية؟ المواطن الذي يقضي وقته في نقاشات من قبيل “وكيضحكني داك اكشوان”، و أريد له أن لا يهتم بالندوات و المبادرات “المواطنة” بالمفهوم الصحيح لكلمة مواطن، اي حقوقه و واجباته.

ختاما الربح ليس عيبا، ولكن الصراحة أيضا مطلوبة، كان عليكم سيدي عوض البحث عن تبريرات لطريقة اشتغال موقعكم و ما تعتبرونه “صحافة” معتبرين أنفسكم غير مسؤولين، ان تلخصوا الامر في جملة واحدة” عاش الكائن الشوفتيڤي ولا عاش من خانه”، أما اعتبار من ينتقدكم حارسا للجودة، فاعتقد ان منطقكم الربحي بكل حمولته البراغماتية يفسر كل شيء.
محمود عبابو، صحافي مغربي

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)